البريد الإسلامي

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

"ليبرالي" أسوأ من الماركسي والديني!




"ليبرالي" أسوأ من الماركسي والديني!
بقلم : ضياء الموسوي (رئيس مركز الحوار الثقافي بالبحرين) .. البقاء في سجن الأيديولوجيا أيا يكن شكلها يمثل خطرًا على فكر الإنسان وحياته.
ليس هناك فرق بين المعتقل الماركسي والسجن الديني والزنزانة الليبرالية، إذا تحولت كل هذه الأبنية إلى أصنام تعبد من دون الله.
التطرف وعبادة أي أيديولوجية بتعصب أمر يصبح خطرًا على الإنسان وعلى كل شيء في الحياة.
الصنمية خطر على الإنسان، وكم صنم بيننا يعبد من دون الله وكم أيديولوجية مقدسة فتحت بأرضها دكاكين لعبادة الأصنام.

كم من رجل أصبح أكثر قدسية حتى من ذات الأيديولوجية.
أحيانا ولغياب الوعي ولتوحش التعصب يصبح الذيل أقدس من الاسد والظفر أجمل من المحيا، والعتبة اكثر قيمة من المحراب والرصيف أكثر قدسية من إشارة المرور.
هناك فرق بين الليبرالية كمعرفة (ابستمولوجيا) وكقيمة علمية وبين الليبرالية كأيديولوجية تعبد وتقدس بلا نقد وبلا وعي وبتزمت.
لهذا لا تتعجبوا عندما نرى (ليبراليا) أشد سوءًا من ماركسي أو ديني.
هل ثمة فرق بين اليمين المتطرف الغربي واليمين المتطرف الإسلامي أو الماركسي أو القومي؟
هل تعتقدون أن الرئيس بوش وهو المؤدلج افضل من نجاد أو ستالين أو صدام؟
لا مقدسات في الحوار كما قال السيد فضل الله.
لكن للأسف نحن نخرج من المقدس الديني لنسقط في المقدس الماركسي إلى أن نسقط في المقدس الليبرالي.
لا تقدسوا البشر فبقدر زيادة تقديسك بقدر ما يعكس زيادة جهلك.
لا تقدم حياتك رخيصة من أجل كذبة سياسية.
لا تزهق روحك لأجل كذبة سياسية.
لا تضيع عمرك لأجل كذبة اجتماعية.
ما أكثر الكذب في صناديق السياسة وما أكثر جثث الموتى في المقابر.
تتفجر صناديق السياسة كذبا كما تتفجر نعوش الشهادة اجساد يافعين!
هل تعلمون ان الشاب الغربي اليوم لا يمكن ان يقدم حياته في سبيل شعار؟
كم من أهبل بيننا مستعد أن يقدم نفسه فدائيا من موقف سياسي ولو بتفجير آدميين؟
في العالم الإسلامي، نحن رهناء لساسة سوبرمانيين معتوهين، وعندهم قدرة فائقة لخوض المغامرات ودفن الاحياء بلا مقابل.
من سأل الطفيلي عن محارقه؟
من سأل الصدرعن الشباب الذي ضاع؟
من سأل بوش عن نعوش الشباب الأمريكي؟
من سأل كاسترو عن الشباب الجائع بسبب الشعارات؟
من سأل الإخوان المسلمين عن شباب المحارق؟
هل تعتقدون ان حزب الليكود الأمريكي افضل من حزب تشافيز في فنزويلا أو كاسترو في كوبا أو أي حزب متطرف في إيران؟
ابدا، كل من يقمع بتعصب ولا يؤمن بالنقد ولايرضى بالمعرفة أو لا يقبل بالاخر فهو متطرف ليس مع الليبرالية أو الديمقراطية كمعرفة.
هل تختلف قسوة مدير السجن الذي يقسو على السجناء وقسوة رجل الدين السياسي الذي يفرق بين مجاميع البشر؟
الإنسان كي يبقى سعيدا لابد ان يحمل القلق المعرفي في نقد الذات وفي تغيير افكاره بعد عرضها في المختبر بتجرد.
نحن نقوم بجرد بضائعنا كل شهر في السوبر ماركت، ونقوم بتصليح سيارتنا إذا اصابها خلل، لكن لا احد مستعد أو يمتلك الشجاعة لان يفكر في تصليح أفكاره أو قراءة للحياة بشكل أفضل.
العالم عبارة عن لعبة ديكور.

الحياة قائمة على المصالح، وهذا امر طبيعي لكن من منا مستعد لان يخسر ولو قليلا في سبيل ابداء فكرة قد تغير من سعادة إنسان وتقدم شيئا قليلا للبشرية؟
الغرب؟ لازال انتقائيا مع ملف إسرائيل.
اقول الغرب كحكومات، وليس كحضارة اوشعوب متطورة، وهناك فرق بين حتى الحكومات.
يجب ألا نضع كل الغرب في سلة واحدة .

ولو قسنا الغرب بما يحمل من سلبيات وايجابيات لاصبحنا أمامه حصاة أمام هرم كبير.
الحضارة الغربية صنعها الفلاسفة، أما نحن فمصنوعون من ملالي وخلاصة ثقافة رجال دين سياسيين ومثقفين سوبرمانيين ورطوا الدين في السوبرماركات.
الكل يشتغل لمصلحته إلا نحن المسلمين!
الصين شيوعية أو كانت، لكنها أكثر دولة تقوم بصناعة سجادات الصلاة للمسلمين.
إيران ضد النفوذ الأمريكي في افغانستان كماتقول، لكنها- كما اعترف كرزاي- ترسل أموالا لمكتبه الرئاسي خلسة!
فكروا في مصالح عالمنا الإسلامي بوعي. المثل يقول
«السياسي إذا قال نعم فإنه يقصد ربما، وإذا قال لا ربما فإنه يقصد لا، وإذا قال لا فإنه ليس بسياسي».
السياسي لا يقول لا.
السياسي لا يلعب إلا في المنطقة الرمادية.
هل علمتم الآن كم مجنونا بيننا؟
بالله عليكم أليس سياسيونا الشعبويون، كل واحد يمشي ويجري خلف عربة من اللاءات المورطة؟
هل علمتم إذن لماذا ضاعت العراق ولبنان وفلسطين؟ لاننا نقول لا في وقت نعم ونعم في وقت لا وقليل من يقول: ربما!

كان الفقراء عالميا، يبحثون عن مشروع اقتصادي يحررهم لا يستعبدهم وفي كل مرة يسقطون في الاستعباد.
هرولوا للماركسية، فاستعبدتهم.
هرولوا للقومية فاستعبدتهم.
وها ههم يهرولون للإسلاميين وإذا هم يستعبدونهم بمشاريع استعبادية.
يجب ان تكون على مساحة واحدة من كل هذه الايدولوجيات ووزعمائها .
كن ناقدا وحرا.
كن شكاكا.

لا تقبل بأي فكرة مهما غلفت بالديكور.
اسال عن كل شيء، وادخل في التفاصيل، فقد يكون برميل العسل خلا.
لا تكون عبد فكرة ربما مخترعها إنسان غلفها بالقدسية لتخدم مصالحه وانت لا تعلم.
اسأل عن كل شيء عن أي مدرسة أكانت دينية أو وجودية أو عدمية أو فوضوية أو إنسانية.
واختر ما تناسب عقلك وحياتك وقيمك العالمية.
يقول توماس كارليل العبقرية استعداد غير محدود لاحتمال الجنون.
كما تثمن قيمة الطماطم عبر وضعها في الميزان، ثمن الرجال وكذلك التاريخ والحضارة.
قيمة الرجل بعلمه، والتاريخ بما فيه من خير للبشرية، والحضارة بما فيها من سعادة وامن وسلام للإنسان.
يقول الإمام علي «كلما زاد علم الرجل زاد ثمنه».
نحن اليوم، كلما زاد جهل الرجل زاد ثمنه.
يقول افلاطون:
»نحن مجانين ان لم نستطع ان نفكر، ومتعصبون إذا لم نرد أن نفكر، وعبيد إذا لم نجرؤ ان نفكر».
سؤال: كم مجنونا ومتعصبا وعبدا في العالم الإسلامي؟

وماذا إذا اجتمعوا في شخص؟
وماذا إذا كان زعيما جماهيريا على طريقة فيلم عادل إمام.
انظروا إلى لبنان والعراق والصومال وباكستان وافغانستان، بل وكل العالم العربي وستعرفون الكمية.
اقول، حتى ما أطرحه ناقشوه وخذوا ما ترونه يخدم البشرية وما لا يتوافق معها ارموه على الرصيف. لا أحد يمتلك الحقيقة وإنما نسبة منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق