ساهر ... (( دمعةٌ على رصيف المعاناة ))
مُشكلتي ، أَوّلُها آخِرُ يكشف عن باطنها الظاهرُ
مشكلةٌ أتْعَبَني كَتْمُها حتى شكى من جورها الخاطرُ
أخفيتُها عنكم زماناً وفي أَعماقِ قلبي مَوْجها الهادِرُ
أمَّا وقد ضاقتْ بها مُهْجتي واغتالَ صبْري وحْشُها الكاسِرُ
فسوف أرويها ورزقي على ربِّي ، فربّي وَحْدَه القادِرُ
أنا أخو السبعين عاماً ، شكا ممّا يعاني عَزْمُه الخائِرُ
مرَّتْ الأعوامُ مسكونةً بالهمِّ ، يَعوي ذِئْبُه الغادِرُ
ليس له مالٌ ، ولا عندَهُ بيتٌ ، ولا في عُشّه طائرُ
يسكن بالأُجْرَةِ في منزلٍ أناخَ فيهِ الأَلمُ الغَائِرُ
زوجتُه ، من حولها تِسْعَةٌ أَولادُهَا ، والقادمُ العاشِرُ
يصحو على ازعاج أصواتهم وكلّهم في لَهْوه سَادِرُ
يُبادرُ الفجرَ بسيّارةٍ دخانُها من خَلْفِها ثائِرُ
يَفِرُّ من أَولاده هارباً وقَلْبُه من حُبِّهم عَامِرُ
يبحثُ عن لُقْمَةِ عيشٍ لهم وقلبه مُحْتَسِبٌ صابر
أنا أخو السّبعينَ أَفْنَيتُها والقلبُ راضٍ وفمي ذاكِرُ
سيارتي رِزْقي ، وإنّي عَلَى ما يُنْعِمُ المَوْلَى به شاكرُ
أجوب آفاق الريّاضِ التي يعجزُ عن تحديدها الناظِرُ
لا شرقُها يدنو ولا غَرْبُها وقد تَمادَى خَطُّها الدَّائِرُ
أحصّل القُوْتَ بتأجيرها وحالتي يسترُها السَّاتِرُ
لكننّي أَصبحتُ في حَيْرةٍ وكم يعاني المُتْعَبُ الحائِرُ
أَتْعَبَ قلبي مَنْ له سَطْوةٌ تأْكلُ رزقي وأنا قاصِرُ
أنظمةٌ يضربني سيفها وسَيْفُها في ضَرْبِهِ باتِرُ
تحدّدُ السُّرْعَةَ في شارعٍ لا واردٌ فيه ولا صادرُ
ولا ((مُرورٌ)) ناصحٌ مرشدٌ ولا لحقّي عنده ناصِرُ
سبعونَ كيلاً حينما سِرْتُها سألتُ نفسي : هل أَنا سائِرٌ ؟
في كلّ رُكْنٍ تختفي مُقْلَةٌ مصنوعةٌ ، مَنْهَجُها جائِرُ
تَلْتَقِطُ الصورة في لَمْحةٍ فكلُّ مَاشٍ ، عندها ظاهرُ
كالبَرْق لكن مالها غيمةٌ ولا سحابٌ فوقَنا ماطِرُ
تَسْلُبُ من جيبي رِيالاتِهِ فَحَظُّ جيبي عندها عاثِرُ
أَلْفَا ريالٍ في مَدَى ليلةٍ وليس عندي عُشْرُها حَاضِرُ
مصيبةٌ -والله- بل عَثْرَةٌ ليس لها فيمن أرى جَابِرُ
لا تَقْصِمُ الظَّهْرَ ، ولكنَّها شيءٌ ثقيلٌ مُرْهِقٌ قَاهِرُ
أنا وأمثالي ضحايا لَهاَ وليس ذو الأموالِ والتَّاجِرُ
إنْ تسألوا عن سِرّ ما أشتكي فَهُوَ نِظامٌ ، إسمهُ ((سـَاهِرُ)) ..
الشاعر د. عبد الرحمن العشماوي
الجمعة، 3 ديسمبر 2010
ساهر ... (( دمعةٌ على رصيف المعاناة )) للعشماوي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق