لا يخلو الحديث حول تفاصيل الشأن الديني من حولنا ولو في بعده الاجتماعي من محاذير ومخاطر ، لكن حتما هناك ما يفرض عليك الولوج بتفاصيل تستدعي وقفات نقدية وتشخيصية ، عندما تواجهك ظواهر لا تنفصل عن صلب عناصر حياتنا كافة في زمن بات الجميع يتربصون فيه للدين الاسلامي ويبحثون عن ثغرات تعطيهم شرعية الانتقاد وكيل الاتهامات له.
الحاصل هذه الايام اننا بتنا نلحظ مظاهر مقلقة دهمت عزلة النقد وشدتها راضية او حتى كارهة الى النشاط ، لتشويه صورة الاسلام ، متمثلة بعدة صور لا تمت للاسلام بشيء وفق علماء ومفكرين اسلاميين ، وكان من بينها ظاهرة مثيرة للجدل متمثلة في ما يسمى "الحجاب العصري" أو "حجاب الجينز" الذي نراه هذه الايام ، حيث بتنا نرى بعض الفتيات يعتبرن أنفسهن "محجبات" فيما يقتصر حجابهن على غطاء الرأس فقط ، وكأن العورة هي الشعر وحده ، في حين ترتدي ملابس مثيرة للانتباه وغير محتشمة وبعيدة كل البعد عن أصول الزي الاسلامي.
وبطبيعة الحال فان هذه القضية لا ضبابية فيها شرعا ، فالدين واضح والحسم الشرعي بها لا مجال فيه للجدل ، والدليل القاطع قدمه الله تعالى في القرآن الكريم ، في قوله تعالى "وَلا يُبْدًينَ زًينَتَهُنَّ إًلا مَا ظَهَرَ مًنْهَا وَلْيَضْرًبْنَ بًخُمُرًهًنَّ عَلَى جُيُوبًهًنَّ وَلا يُبْدًينَ زًينَتَهُنَّ إًلا لًبُعُولَتًهًنَّ أَوْ آبَائًهًنَّ أَوْ آبَاءً بُعُولَتًهًنّ". (النور: الآية31). ومن الأدلّة القرآنية ايضا على وجوب احتجاب المرأة وسترها قوله تعالى: "يا ايُّهَا النَّبًي قُل لاًزْواجًكَ وَبَنَاتًكَ وَنًسَاء الْمُؤْمًنًينَ يُدْنًينَ عَلَيْهًنَّ مًن جَلابًيبًهًنَّ". (الاحزاب) ، وبذلك تكون الامور جليّة واضحة لا تتطلب سوى التطبيق العملي لهذا النهج المخطوط بأحرف من نور تهدي من ينظر لها بقلب الراغب برضا رب العباد.
والمقلق في الامر ، إن لم يكن المخيف فيه ، أن بعض الفتيات يدركن أهمية الحجاب دينيا وأنه فريضة على المسلمات كافة ، ولكنهن يطبقن هذه الفريضة بصورة خاطئة جدا ، لا علاقة لها بالحجاب الشرعي بالمطلق ، الذي يجب ان يتسم بان يكون الزي فضفاضا وكاسيا لأجزاء الجسم كافة ويخفي عورات المرأة ، وفق فقهاء الدين ، فيما يبدو لكَ المشهد هذه الايام.. عن بعد أنها فتاة تسير بملابس عادية ، ترتدي من احدث الموديلات وآخر صرعات الموضة ، أيا كان نوعها ، حتى ان الامر لا يخلو من الزي المثير للانتباه ، لتفاجأ عند التدقيق بأنها فتاة محجبة.. لكن الامر ليس اكثر من غطاء للرأس،.
وبطبيعة الحال ، لا يمكننا في طرح كهذا أن نتجاهل المستجدات الحضارية التي يمر بها زمننا ، وضرورة اللحاق بها وبطبيعة الحياة ونمطيتها الحديثة ، ولكن علينا ان ندرك ان ما يحدث في هذا الشأن جعل من هذه المستجدات موحشة نلحق بها بعشوائية تتضاءل فيها بذرة الخير التي انطلقت منها فكرة "الحجاب" لتصبح مجموعة تناقضات موزعة وضائعة بين مفاهيم تحاكي الدين في مبدأ الفكرة ، وتقاليد اجتماعية تفرضها الاسرة والمجتمع ، ورغبة التطور والسير نحو "الأناقة" العصرية ، وتلك كلها اوضاع سلبية من القاع الى السفوح الى قمة المجتمع.
"الدستور" وقفت على واقع هذه الظاهرة التي لا شك أنها تثير جدلا في ذهن اي منا وهو يلتقي "محجبة" لا تتقيد بحرفيّة الزي الإسلامي الذي يليق بديننا ، واضعة الأمر على طاولة التدقيق والتشخيص امام فقهاء الدين ومختصين بعلم النفس والاجتماع ، لتبدو الأمور اكثر وضوحا في كل ابعادها وتجيب على استفسارات جدلية باتت تلف بهذا الموضوع وتفرض الحديث بشأنه بكل وضوح ومع كل المعنيين. واتفقت الاراء كافة على أن هذا النوع من الفتيات يصنف من النمط الذي وصفه الدين بـ"الكاسيات العاريات" حيث اختلطت الأمور عليهن ، واصبحت المفارقة هي الغالبة على مفهوم الحجاب لديهن ، وانقسمت القناعة لديهن للتوزع على الاصول الدينية وضرورة التقيد بها ، والمستجدات التي تشهدها المرحلة وضرورة ملاحقة الموضة بكل اشكالها ، اضافة الى مواصفات الجيل نفسه الذي يعيش على مفترق طريق لا يعلم اين هي وجهته الصواب.
وتعاملت الاراء التي تحدثت لـ"الدستور" مع الامر بحذر ، مؤكدين ان ما نراه في ايامنا من ان بعض النساء يلبسن البنطال الضيق وفوقه القميص القصير لا يعد شرعيا ، رافضين ما يحدث في هذا الاطار الذي بات يفتح الباب على مصراعيه لكل من يتربص بالدين الاسلامي ويبحث عن أي سلبيات ينتقدها فيه.
«الإفتاء»: غير جائز
اشترطت دائرة الإفتاء العام في لباس المرأة ان يكون واسعاً فضفاضاً وألا يصف أو يشف ما تحته.
وأضافت ان قيام بعض الفتيات بارتداء لباس هو عبارة عن بنطلون جينز أو غيره وقميص أو (بلوزة) ووضع غطاء على الرأس (إشارب) ، غير جائز وانه ينبغي للمرأة المسلمة ان تحرص على اللباس الشرعي الساتر الذي ليس فيه ضيق ولا رقة ولا يصف البدن وليس فيه تشبه بالرجال. وأضافت الدائرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى المرأة ان تلبس ما يحكي بدنها ، مشيرة الى قول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "يَا أَيهَا النَّبيُّ قُل لأَزْوَاجًك وَبَنَاتًك وَنًساءً الْمُؤْمًنًينَ يُدْنًينَ عَلَيهًنَّ مًن جَلابًيبًهًنَّ ذَلًك أَدْنى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحًيماً". (الأحزاب ـ 59).
صلاح: تناقض بين الحجاب والموضة
وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية السابق عبدالفتاح صلاح قال: للأسف فان بعض السيدات تثيرهن الموضة ، وبالتالي نجد من بين المحجبات من تسير وراء الموضة ، وهذا ليس لباسا شرعيا بطبيعة الحال ، ذلك ان اللباس الشرعي متفق عليه والحجاب له أصوله الدينية والشرعية التي حسمها القرآن والسنة.
وأكد صلاح ان الحجاب يجب ان يكون مناسبا لخصوصية المرأة ويستر جسدها بشكل كامل ، وأن المبالغة في الشيء مثل عدمه ، ولا يمكن ان يكون هناك حجاب وموضة او مبالغة بالموضة ، فهناك تناقض بين السعي وراء الموديلات وصرعات الزي ، وبين الحجاب ، وعندها تصبح الامور شيئا آخر لا علاقة له بالحجاب الشرعي.
القضاة: يمسخ قدر الفتاة
عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد القضاة قال إن الله سبحانه وتعالى أمر المرأة المسلمة أن تلبس لباسا ساترا يغطي الرأس والبدن وان يكون اللباس فضفاضا ومريحا للمرأة في سيرها وقيامها وقعودها خاصة اذا كانت موظفة.
وأضاف "ومن صفات اللباس ألا يكون شفافا او ضيقا او يظهر عورتها ، واما لباس الرأس فيجب ان يغطي رأس المرأة بكامله عدا الوجه ، وهذا هو اللباس الشرعي المقبول" ، مشيرا الى ان معظم المسلمات يلبسن الجلباب الشرعي الواسع ولذلك تستطيع المرأة ان تتحرك بحرية وتتقي نظر الذين يحاولون تسليط الضوء على لباس هذه المرأة.
وشدد القضاة على ان ما نراه في ايامنا من ان بعض النساء يلبسن البنطال الضيق وفوقه القميص القصير وبعدها تضع غطاء الرأس وربما يظهر جزء من عنقها او صدرها... هذا النوع من اللباس لا يعد شرعيا ، بل هو لباس "يمسخ" قدر وقيمة الفتاة التي تلبسه ، لان المرأة المسلمة لها خصوصية فلا بد ان تبقى محترمة مصونة العرض وان يكون عليها من الوقار والهيبة ما يميزها عن غيرها.
وبين ان اللباس الشرعي الذي يعتد به لا بد ان يشمل جميع المواصفات التي ذكرها علماء الشريعة حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض وعلينا ان نعلم ان المرأة المسلمة مستهدفة هذه الايام ، فلا بد ان تبرز الجانب الشرعي والاخلاقي والحضاري في لباسها.
المجالي: الحجاب له شروطه
الدكتور محمد المجالي أستاذ الشريعة في الجامعة الاردنية قال من جانبه ان الحجاب أمر رباني وليس اجتهادات لفقهاء ، ولا رأيا لعلماء ، وانما هو رباني والادلة موجودة وواضحة في القرآن وتحديدا في سورتي الاحزاب والنور ، وبالتالي فالحجاب مسألة مفروضة على المسلمات ، ولكن الحجاب له شروطه التي وضعها الشرع ويكاد الاجماع بين العلماء يكون على ستر المرأة جسدها كله عدا الوجه والكفين ، وان يكون الساتر فضفاضا ولا يشف ولا يصف ، وهناك شروط اخرى تتبع الطبيعة الاجتماعية للمجتمعات ومكان الاقامة.
وبين المجالي ان ما نراه الان هو قول "مخالف للشرع" فليست العورة شعرا ليغطى ولا جزءا من الجسد فيغطى ، انما - كما بين العلماء - الجسد كله عورة ويجب ان يغطى وفق الدين ، اضافة الى أن ما تتفنن به الفتيات ينافي مبدأ الحجاب وتحديدا في موضوع التزيّن والتبرج كله فلا علاقة له بالحجاب الشرعي.
واستطرد المجالي بقوله "حتما من تستر شعرها عندها الوازع الايجابي ، لكنها لا تكمل بصورة ايجابية ، وبالتالي علينا ألا نهاجمهن لكن علينا أن نؤكد ضرورة الالتزام بالامر بصورته الدينية المطلوبة" ، مشيرا الى اننا نراعي ان بعض الفتيات لهن بيئات وخلفية ثقافية لكن الاصل التدرج نحو الافضل بشكل يرضي الله تعالى ، فلا يوجد اجتزاء في الدين الاسلامي.
الخطيب: حالة كبت
وفي علم النفس يتم التركيز على أن مثل هذه التصرفات تكون خارجة عن المألوف كونها تتم دون اقتناع بالاساس بفكرة الحجاب ، اضافة الى انها تؤدي بالفتاة الى حالة كبت تجعلها تقوم بسلوكيات بعيدة عن جوهر الدين.
الدكتور جمال الخطيب أخصائي علم النفس أكد أن الفتاة التي لا تلتزم بأصول اللباس الشرعي تكون على الاغلب ارتدت الحجاب رغما عنها ، ونتيجة ضغوط قد تكون اجتماعية من الاهل والفئات القريبة منها ، او لاسباب اقتصادية كحل عملي يقودها حتما لتوفير الانفاق على الثياب والاعتناء بالشعر ، ويخرجها من حرج الملابس المرتفعة السعر ، وحاجتها الدائمة للاعتناء بشعرها ، ولكن بالمحصلة ، كل هذه التصرفات تكون غير منسجمة مع قناعات المرأة نفسها ولا حتى مع السلوك العام للمجتمع ، وحتما تقود الى الكبت وعدم الرضا عن الذات.
الخزاعي: مردود سلبي على المجتمع
اما من حيث البعد الاجتماعي لهذه الحالة فتبدو الصورة مقلقة على المجتمع برمته ، كونها وفق مختصين بداية لتشويه الصورة المثالية للدين الاسلامي.
الى ذلك ، قال الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية ان هذا النوع من الحجاب نابع من التقليد الاعمى للصديقات ويعتبر مجاراة للموضة ، اضافة الى كون هذه الفئة من الفتيات يمسكن العصا من النصف بحسبهن ، حيث يرضين المجتمع من ناحية ارتداء الحجاب ، وبالمقابل يرضين رغباتهن بارتداء الحجاب وفق ما تتطلبه الموضة ، ولكن بالطبع فهذا ليس زيا إسلاميا متكاملا.
ولفت الخزاعي الى وجود تشكيلة واسعة هذه الايام من الموضة في أنواع الحجاب التي تبعد الفكرة الايجابية عن مفهومها ، وعليه نجد كثيرا من الفتيات يسعين لمجاراة الواقع المعيشي ويركضن وراء الموضة للحاق بهذه الصرعات ومغرياتها. وشدد الخزاعي على أن لمثل هذه السلوكيات مردودا سلبيا على المجتمع بأسره ، وتعتبر بداية للتخلي تدريجيا عن الصورة المثالية للدين.
فتيات وأولياء أمور
فتيات تحدثن لـ"الدستور" بعدة وجهات نظر ، منهن من رأت أن الحجاب خط أحمر يجب التقيد بحذافير أسسه وأصوله الدينية ، لذا فان قرار الحجاب هو الاصعب في حياة الفتاة ، إذ عليها احترامه. وبالمقابل اعتبرت أخريات ان الحجاب ضرورة اجتماعية فرضها عليها المجتمع واسرتها ، ومن حقها ان تعيش المرحلة بكل ما فيها من موضة بكل اشكالها ، لذا فانها ترتدي ما تريد وكيفما تريد.
فتيات
مرح اعتبرت الحجاب تكملة لأنوثة الفتاة وليس العكس في انتقاص أناقتها ، أو أنوثتها ، ويكفيها رضى الله سبحانه وتعالى عنها كونها تميزت بذلك ، وعليه لا بد ان يحترم الحجاب ويكون أنيقا ، وبالمقابل يراعي الاسس الدينية بشأنه ، معتبرة الفتيات اللاتي لا يتقيدن بالحجاب على اصوله الدينية ووفق الشريعة بأنهن لسن محجبات ، ذلك اننا للاسف اصبحنا نلحظ بشكل لافت انتشار مظاهر للحجاب بعيدة كل البعد عن الدين الاسلامي ، ولا تحمل من الحجاب سوى مبدأ غطاء الرأس.
رنا أكدت أنها محجبة عن قناعة تامة بأهمية هذه الخطوة وقدسيتها ، وضرورة احترام الزي الاسلامي ، بكل تفاصيله وعلى اصوله ، رافضة مبدأ ارتداء الحجاب والوقوف على أدق تفاصيل الموضة ، ذلك انه يمكن للفتاة ان تتحجب وبالمقابل يكون الحجاب أنيقا وحضاريا.
تغريد تعتبر الحجاب مسألة دينية هامة ، لكن من حق الفتاة المحجبة ان ترتدي ما تشاء وهي حرية شخصية ليس من حق اي شخص التدخل بها ، وهي خصوصية في علاقة الانسان بدينه.
سوزان رأت من وجهة نظرها ايضا ان ارتداء الفتيات للحجاب بالصورة التي يرغبن بها مسألة شخصية لا علاقة لاحد بها ، كما انه من حق الفتاة ارتداء ما تريد وان تسير وفق الموضة ، بالصورة التي تريحها ، ويجب مراعاة متطلبات المرحلة ، وبالمقابل رغبة الشباب بالعيش بروح العصر وعدم فرض قيود عليهم تزيد من تعقيدات الحياة.
أولياء امور
على صعيد متصل ، رأى اولياء امور ان الحجاب مراد كل ام واب لفتياتهم ، لكن المهم ان يكون الحجاب اسلاميا كاملا بعيدا عن اي ابعاد اخرى قد تفقده المعنى الحقيقي له.
درويش عبد المجيد اعتبر الحجاب مسألة دينية مقدسة يجب احترامها ، لذلك يجب ان يكون قرارا فرديا من الفتاة نفسها وألا يجبرها عليه احد حتى تكون حالة التطبيق نموذجية ، ولعل عدم التزام الفتيات الان بأصول الزي الاسلامي نابع بالدرجة الاولى من أنهن أرغمن على ارتدائه فكانت النتيجة كما نرى الان.
خلود الهدهد أكدت أن الحجاب نعمة من الله تعالى يجب صونها ، ولكن فتيات هذا الزمن يردن إمساك العصا من النصف ، فهن يردن الحجاب لغايات مختلفة منها ديني ومنها اجتماعي ، وبالمقابل يردن السير وراء الموضة وأنا برأيي ألا نرفض الفكرة لانها في مضمونها ايجابي ، وحتما ستوصل الفتاة الى حجاب شرعي متكامل.
.....................................................................
الخبر الثاني
http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&contentid=52202
الحاصل هذه الايام اننا بتنا نلحظ مظاهر مقلقة دهمت عزلة النقد وشدتها راضية او حتى كارهة الى النشاط ، لتشويه صورة الاسلام ، متمثلة بعدة صور لا تمت للاسلام بشيء وفق علماء ومفكرين اسلاميين ، وكان من بينها ظاهرة مثيرة للجدل متمثلة في ما يسمى "الحجاب العصري" أو "حجاب الجينز" الذي نراه هذه الايام ، حيث بتنا نرى بعض الفتيات يعتبرن أنفسهن "محجبات" فيما يقتصر حجابهن على غطاء الرأس فقط ، وكأن العورة هي الشعر وحده ، في حين ترتدي ملابس مثيرة للانتباه وغير محتشمة وبعيدة كل البعد عن أصول الزي الاسلامي.
وبطبيعة الحال فان هذه القضية لا ضبابية فيها شرعا ، فالدين واضح والحسم الشرعي بها لا مجال فيه للجدل ، والدليل القاطع قدمه الله تعالى في القرآن الكريم ، في قوله تعالى "وَلا يُبْدًينَ زًينَتَهُنَّ إًلا مَا ظَهَرَ مًنْهَا وَلْيَضْرًبْنَ بًخُمُرًهًنَّ عَلَى جُيُوبًهًنَّ وَلا يُبْدًينَ زًينَتَهُنَّ إًلا لًبُعُولَتًهًنَّ أَوْ آبَائًهًنَّ أَوْ آبَاءً بُعُولَتًهًنّ". (النور: الآية31). ومن الأدلّة القرآنية ايضا على وجوب احتجاب المرأة وسترها قوله تعالى: "يا ايُّهَا النَّبًي قُل لاًزْواجًكَ وَبَنَاتًكَ وَنًسَاء الْمُؤْمًنًينَ يُدْنًينَ عَلَيْهًنَّ مًن جَلابًيبًهًنَّ". (الاحزاب) ، وبذلك تكون الامور جليّة واضحة لا تتطلب سوى التطبيق العملي لهذا النهج المخطوط بأحرف من نور تهدي من ينظر لها بقلب الراغب برضا رب العباد.
والمقلق في الامر ، إن لم يكن المخيف فيه ، أن بعض الفتيات يدركن أهمية الحجاب دينيا وأنه فريضة على المسلمات كافة ، ولكنهن يطبقن هذه الفريضة بصورة خاطئة جدا ، لا علاقة لها بالحجاب الشرعي بالمطلق ، الذي يجب ان يتسم بان يكون الزي فضفاضا وكاسيا لأجزاء الجسم كافة ويخفي عورات المرأة ، وفق فقهاء الدين ، فيما يبدو لكَ المشهد هذه الايام.. عن بعد أنها فتاة تسير بملابس عادية ، ترتدي من احدث الموديلات وآخر صرعات الموضة ، أيا كان نوعها ، حتى ان الامر لا يخلو من الزي المثير للانتباه ، لتفاجأ عند التدقيق بأنها فتاة محجبة.. لكن الامر ليس اكثر من غطاء للرأس،.
وبطبيعة الحال ، لا يمكننا في طرح كهذا أن نتجاهل المستجدات الحضارية التي يمر بها زمننا ، وضرورة اللحاق بها وبطبيعة الحياة ونمطيتها الحديثة ، ولكن علينا ان ندرك ان ما يحدث في هذا الشأن جعل من هذه المستجدات موحشة نلحق بها بعشوائية تتضاءل فيها بذرة الخير التي انطلقت منها فكرة "الحجاب" لتصبح مجموعة تناقضات موزعة وضائعة بين مفاهيم تحاكي الدين في مبدأ الفكرة ، وتقاليد اجتماعية تفرضها الاسرة والمجتمع ، ورغبة التطور والسير نحو "الأناقة" العصرية ، وتلك كلها اوضاع سلبية من القاع الى السفوح الى قمة المجتمع.
"الدستور" وقفت على واقع هذه الظاهرة التي لا شك أنها تثير جدلا في ذهن اي منا وهو يلتقي "محجبة" لا تتقيد بحرفيّة الزي الإسلامي الذي يليق بديننا ، واضعة الأمر على طاولة التدقيق والتشخيص امام فقهاء الدين ومختصين بعلم النفس والاجتماع ، لتبدو الأمور اكثر وضوحا في كل ابعادها وتجيب على استفسارات جدلية باتت تلف بهذا الموضوع وتفرض الحديث بشأنه بكل وضوح ومع كل المعنيين. واتفقت الاراء كافة على أن هذا النوع من الفتيات يصنف من النمط الذي وصفه الدين بـ"الكاسيات العاريات" حيث اختلطت الأمور عليهن ، واصبحت المفارقة هي الغالبة على مفهوم الحجاب لديهن ، وانقسمت القناعة لديهن للتوزع على الاصول الدينية وضرورة التقيد بها ، والمستجدات التي تشهدها المرحلة وضرورة ملاحقة الموضة بكل اشكالها ، اضافة الى مواصفات الجيل نفسه الذي يعيش على مفترق طريق لا يعلم اين هي وجهته الصواب.
وتعاملت الاراء التي تحدثت لـ"الدستور" مع الامر بحذر ، مؤكدين ان ما نراه في ايامنا من ان بعض النساء يلبسن البنطال الضيق وفوقه القميص القصير لا يعد شرعيا ، رافضين ما يحدث في هذا الاطار الذي بات يفتح الباب على مصراعيه لكل من يتربص بالدين الاسلامي ويبحث عن أي سلبيات ينتقدها فيه.
«الإفتاء»: غير جائز
اشترطت دائرة الإفتاء العام في لباس المرأة ان يكون واسعاً فضفاضاً وألا يصف أو يشف ما تحته.
وأضافت ان قيام بعض الفتيات بارتداء لباس هو عبارة عن بنطلون جينز أو غيره وقميص أو (بلوزة) ووضع غطاء على الرأس (إشارب) ، غير جائز وانه ينبغي للمرأة المسلمة ان تحرص على اللباس الشرعي الساتر الذي ليس فيه ضيق ولا رقة ولا يصف البدن وليس فيه تشبه بالرجال. وأضافت الدائرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى المرأة ان تلبس ما يحكي بدنها ، مشيرة الى قول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "يَا أَيهَا النَّبيُّ قُل لأَزْوَاجًك وَبَنَاتًك وَنًساءً الْمُؤْمًنًينَ يُدْنًينَ عَلَيهًنَّ مًن جَلابًيبًهًنَّ ذَلًك أَدْنى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحًيماً". (الأحزاب ـ 59).
صلاح: تناقض بين الحجاب والموضة
وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية السابق عبدالفتاح صلاح قال: للأسف فان بعض السيدات تثيرهن الموضة ، وبالتالي نجد من بين المحجبات من تسير وراء الموضة ، وهذا ليس لباسا شرعيا بطبيعة الحال ، ذلك ان اللباس الشرعي متفق عليه والحجاب له أصوله الدينية والشرعية التي حسمها القرآن والسنة.
وأكد صلاح ان الحجاب يجب ان يكون مناسبا لخصوصية المرأة ويستر جسدها بشكل كامل ، وأن المبالغة في الشيء مثل عدمه ، ولا يمكن ان يكون هناك حجاب وموضة او مبالغة بالموضة ، فهناك تناقض بين السعي وراء الموديلات وصرعات الزي ، وبين الحجاب ، وعندها تصبح الامور شيئا آخر لا علاقة له بالحجاب الشرعي.
القضاة: يمسخ قدر الفتاة
عميد كلية الشريعة في الجامعة الاردنية الدكتور محمد القضاة قال إن الله سبحانه وتعالى أمر المرأة المسلمة أن تلبس لباسا ساترا يغطي الرأس والبدن وان يكون اللباس فضفاضا ومريحا للمرأة في سيرها وقيامها وقعودها خاصة اذا كانت موظفة.
وأضاف "ومن صفات اللباس ألا يكون شفافا او ضيقا او يظهر عورتها ، واما لباس الرأس فيجب ان يغطي رأس المرأة بكامله عدا الوجه ، وهذا هو اللباس الشرعي المقبول" ، مشيرا الى ان معظم المسلمات يلبسن الجلباب الشرعي الواسع ولذلك تستطيع المرأة ان تتحرك بحرية وتتقي نظر الذين يحاولون تسليط الضوء على لباس هذه المرأة.
وشدد القضاة على ان ما نراه في ايامنا من ان بعض النساء يلبسن البنطال الضيق وفوقه القميص القصير وبعدها تضع غطاء الرأس وربما يظهر جزء من عنقها او صدرها... هذا النوع من اللباس لا يعد شرعيا ، بل هو لباس "يمسخ" قدر وقيمة الفتاة التي تلبسه ، لان المرأة المسلمة لها خصوصية فلا بد ان تبقى محترمة مصونة العرض وان يكون عليها من الوقار والهيبة ما يميزها عن غيرها.
وبين ان اللباس الشرعي الذي يعتد به لا بد ان يشمل جميع المواصفات التي ذكرها علماء الشريعة حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض وعلينا ان نعلم ان المرأة المسلمة مستهدفة هذه الايام ، فلا بد ان تبرز الجانب الشرعي والاخلاقي والحضاري في لباسها.
المجالي: الحجاب له شروطه
الدكتور محمد المجالي أستاذ الشريعة في الجامعة الاردنية قال من جانبه ان الحجاب أمر رباني وليس اجتهادات لفقهاء ، ولا رأيا لعلماء ، وانما هو رباني والادلة موجودة وواضحة في القرآن وتحديدا في سورتي الاحزاب والنور ، وبالتالي فالحجاب مسألة مفروضة على المسلمات ، ولكن الحجاب له شروطه التي وضعها الشرع ويكاد الاجماع بين العلماء يكون على ستر المرأة جسدها كله عدا الوجه والكفين ، وان يكون الساتر فضفاضا ولا يشف ولا يصف ، وهناك شروط اخرى تتبع الطبيعة الاجتماعية للمجتمعات ومكان الاقامة.
وبين المجالي ان ما نراه الان هو قول "مخالف للشرع" فليست العورة شعرا ليغطى ولا جزءا من الجسد فيغطى ، انما - كما بين العلماء - الجسد كله عورة ويجب ان يغطى وفق الدين ، اضافة الى أن ما تتفنن به الفتيات ينافي مبدأ الحجاب وتحديدا في موضوع التزيّن والتبرج كله فلا علاقة له بالحجاب الشرعي.
واستطرد المجالي بقوله "حتما من تستر شعرها عندها الوازع الايجابي ، لكنها لا تكمل بصورة ايجابية ، وبالتالي علينا ألا نهاجمهن لكن علينا أن نؤكد ضرورة الالتزام بالامر بصورته الدينية المطلوبة" ، مشيرا الى اننا نراعي ان بعض الفتيات لهن بيئات وخلفية ثقافية لكن الاصل التدرج نحو الافضل بشكل يرضي الله تعالى ، فلا يوجد اجتزاء في الدين الاسلامي.
الخطيب: حالة كبت
وفي علم النفس يتم التركيز على أن مثل هذه التصرفات تكون خارجة عن المألوف كونها تتم دون اقتناع بالاساس بفكرة الحجاب ، اضافة الى انها تؤدي بالفتاة الى حالة كبت تجعلها تقوم بسلوكيات بعيدة عن جوهر الدين.
الدكتور جمال الخطيب أخصائي علم النفس أكد أن الفتاة التي لا تلتزم بأصول اللباس الشرعي تكون على الاغلب ارتدت الحجاب رغما عنها ، ونتيجة ضغوط قد تكون اجتماعية من الاهل والفئات القريبة منها ، او لاسباب اقتصادية كحل عملي يقودها حتما لتوفير الانفاق على الثياب والاعتناء بالشعر ، ويخرجها من حرج الملابس المرتفعة السعر ، وحاجتها الدائمة للاعتناء بشعرها ، ولكن بالمحصلة ، كل هذه التصرفات تكون غير منسجمة مع قناعات المرأة نفسها ولا حتى مع السلوك العام للمجتمع ، وحتما تقود الى الكبت وعدم الرضا عن الذات.
الخزاعي: مردود سلبي على المجتمع
اما من حيث البعد الاجتماعي لهذه الحالة فتبدو الصورة مقلقة على المجتمع برمته ، كونها وفق مختصين بداية لتشويه الصورة المثالية للدين الاسلامي.
الى ذلك ، قال الدكتور حسين الخزاعي استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية ان هذا النوع من الحجاب نابع من التقليد الاعمى للصديقات ويعتبر مجاراة للموضة ، اضافة الى كون هذه الفئة من الفتيات يمسكن العصا من النصف بحسبهن ، حيث يرضين المجتمع من ناحية ارتداء الحجاب ، وبالمقابل يرضين رغباتهن بارتداء الحجاب وفق ما تتطلبه الموضة ، ولكن بالطبع فهذا ليس زيا إسلاميا متكاملا.
ولفت الخزاعي الى وجود تشكيلة واسعة هذه الايام من الموضة في أنواع الحجاب التي تبعد الفكرة الايجابية عن مفهومها ، وعليه نجد كثيرا من الفتيات يسعين لمجاراة الواقع المعيشي ويركضن وراء الموضة للحاق بهذه الصرعات ومغرياتها. وشدد الخزاعي على أن لمثل هذه السلوكيات مردودا سلبيا على المجتمع بأسره ، وتعتبر بداية للتخلي تدريجيا عن الصورة المثالية للدين.
فتيات وأولياء أمور
فتيات تحدثن لـ"الدستور" بعدة وجهات نظر ، منهن من رأت أن الحجاب خط أحمر يجب التقيد بحذافير أسسه وأصوله الدينية ، لذا فان قرار الحجاب هو الاصعب في حياة الفتاة ، إذ عليها احترامه. وبالمقابل اعتبرت أخريات ان الحجاب ضرورة اجتماعية فرضها عليها المجتمع واسرتها ، ومن حقها ان تعيش المرحلة بكل ما فيها من موضة بكل اشكالها ، لذا فانها ترتدي ما تريد وكيفما تريد.
فتيات
مرح اعتبرت الحجاب تكملة لأنوثة الفتاة وليس العكس في انتقاص أناقتها ، أو أنوثتها ، ويكفيها رضى الله سبحانه وتعالى عنها كونها تميزت بذلك ، وعليه لا بد ان يحترم الحجاب ويكون أنيقا ، وبالمقابل يراعي الاسس الدينية بشأنه ، معتبرة الفتيات اللاتي لا يتقيدن بالحجاب على اصوله الدينية ووفق الشريعة بأنهن لسن محجبات ، ذلك اننا للاسف اصبحنا نلحظ بشكل لافت انتشار مظاهر للحجاب بعيدة كل البعد عن الدين الاسلامي ، ولا تحمل من الحجاب سوى مبدأ غطاء الرأس.
رنا أكدت أنها محجبة عن قناعة تامة بأهمية هذه الخطوة وقدسيتها ، وضرورة احترام الزي الاسلامي ، بكل تفاصيله وعلى اصوله ، رافضة مبدأ ارتداء الحجاب والوقوف على أدق تفاصيل الموضة ، ذلك انه يمكن للفتاة ان تتحجب وبالمقابل يكون الحجاب أنيقا وحضاريا.
تغريد تعتبر الحجاب مسألة دينية هامة ، لكن من حق الفتاة المحجبة ان ترتدي ما تشاء وهي حرية شخصية ليس من حق اي شخص التدخل بها ، وهي خصوصية في علاقة الانسان بدينه.
سوزان رأت من وجهة نظرها ايضا ان ارتداء الفتيات للحجاب بالصورة التي يرغبن بها مسألة شخصية لا علاقة لاحد بها ، كما انه من حق الفتاة ارتداء ما تريد وان تسير وفق الموضة ، بالصورة التي تريحها ، ويجب مراعاة متطلبات المرحلة ، وبالمقابل رغبة الشباب بالعيش بروح العصر وعدم فرض قيود عليهم تزيد من تعقيدات الحياة.
أولياء امور
على صعيد متصل ، رأى اولياء امور ان الحجاب مراد كل ام واب لفتياتهم ، لكن المهم ان يكون الحجاب اسلاميا كاملا بعيدا عن اي ابعاد اخرى قد تفقده المعنى الحقيقي له.
درويش عبد المجيد اعتبر الحجاب مسألة دينية مقدسة يجب احترامها ، لذلك يجب ان يكون قرارا فرديا من الفتاة نفسها وألا يجبرها عليه احد حتى تكون حالة التطبيق نموذجية ، ولعل عدم التزام الفتيات الان بأصول الزي الاسلامي نابع بالدرجة الاولى من أنهن أرغمن على ارتدائه فكانت النتيجة كما نرى الان.
خلود الهدهد أكدت أن الحجاب نعمة من الله تعالى يجب صونها ، ولكن فتيات هذا الزمن يردن إمساك العصا من النصف ، فهن يردن الحجاب لغايات مختلفة منها ديني ومنها اجتماعي ، وبالمقابل يردن السير وراء الموضة وأنا برأيي ألا نرفض الفكرة لانها في مضمونها ايجابي ، وحتما ستوصل الفتاة الى حجاب شرعي متكامل.
.....................................................................
الخبر الثاني
http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&contentid=52202
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق