البريد الإسلامي

الخميس، 16 ديسمبر 2010

الماجد يصر على رأيه في العلامة البراك+ورقة العمل لأحمد الغامدي في منتدى التغريب

http://ksa.daralhayat.com/ksaarticle/213508


البعد الإنساني
      في مشروعية الجلباب والخمار 
وأثره في مشاركة المرأة في الحياة العامة
               منتدى مركز السيدة خديجة بنت خويلد بجدة -عام 1431ه
                              د.أحمد بن قاسم بن أحمد الغامدي
            
                           لمحةٌ موجزةٌ
           عن الجدل المعاصر حول ما يسمى بالحجاب وأسبابه
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين أما بعد:
 فإنما نشهده داخل العالم الإسلامي من جدل حول بعض تفاصيل أحكام ما يسمى بالحجاب، شغل حيزا لا يُستهان به في مسألة قديمة محسومة شرعاً، وسبب ذلك ما مُلئت به أذهان كثير من الناس من رؤى بعيدة عن الصواب، إما تغليبا للعرف والعادة المتحكمة، وإما تقليدا لآراء فقهاء ومفتون، وإما لرؤى معاصرة بنيت على التوجس من مؤامرة لتغريب المرأة يعتقد المحذرون منها ذلك أن ما يسمى بالحجاب أهم أهداف تلك المؤامرة.
 كما أننا نشهد مؤخرا جدلا حول ما يسمى بالحجاب في الدول الأوربية لكنه جدل من وجه آخر يرتبط بما يعتبره الغرب مؤثرا على هويته ، وقد يلتقي ذلك الجدل مع أهداف من يلحون على القول بأن التمسك بما يسمى بالحجاب يتنافى مع الدعوة لتحرير المرأة وحصولها على حقوقها، في حين نرى أن الواقع يبرهن لنا أن المرأة المتمسكة بما يسمى بالحجاب قد تمارس دورها وتتمكن من حقوقها في تلك المجتمعات أكثر من تلك التي تخلت عنه ، بل إن كثيرا منهن لاوعي لهن بحقوقهن أو ممارسة دورهن، وهذا يعني بطلان التلازم بين ضياع حقوق المرأة والتمسك بما يسمى بالحجاب والعكس كذلك، بل قد نجد أن تلك المواقف الحادة مما يسمى بالحجاب أبعدت المرأة عن نيل تلك الحقوق، إذ جعلت من قضية ترتبط باللباس جوهراً يحول بين المرأة المتمسكة بما يسمى بالحجاب وبين المؤسسات التي تساعدها على نيل حقوقها، ويتأكد فشل تلك الحملات في تطرفها الفكري من خلال ظاهرة العودة إلى الحجاب من قبل فتيات تخلين عنه في مجتمعات قطعت أشواطاً كبيرة فيما يسمى بتحرير المرأة وتحديث التعليم والقطيعة مع الرؤى التي تدعم التوجه نحو ما يسمى بالحجاب، ومن زعم أن سبب تلك العودة هو ما يبثه الدعاة الإسلاميون من مواعظ عبر وسائل الاتصال الحديثة فإن ذلك إن صح يعطي دلالة أكبر على وهن البناء الفكري الذي تم على أساسه التنفير مما يسمى بالحجاب، وبالتالي وهن ما يسمى بتحرير المرأة الذي يعتبر لباس المرأة ومظهرها عنوانه والدليل عليه.
إن الجدل حول ما يسمى بالحجاب في المجتمعات الإسلامية يرتبط -فيما نرى أحيانا- برؤى فقهية مختلفة حول بعض تفاصيله، إلا أن الجانب الأكبر في الجدل هو اعتباره أحد ميادين الصراع فيما يتعلق بقضايا المرأة بل أهمها حتى أقحم في ذلك الصراع الاختلاف في تفاصيل بين فقهاء المسلمين فزج بمسائل اختلف فيها الفقهاء ضمن ذلك الصراع وحمل ذلك الصراع الكثير من المبالغة في هذا الجانب، بينما الجدل حوله في المجتمعات الغربية يحمل أبعادًا أخرى ترتبط بهوية المجتمع الغربي بشكل أساسي، فدولة أوربية كفرنسا تسهم بدور مركزي في قيادة الاتحاد الأوروبي- لا يمكن أن يكون موقفها من الحجاب مسالما حين تراه يهدد المركزية الأوروبية التي تعتبر نفسها فيها عماد الهوية الأوروبية وهويتها بالخصوص، إذ المشكلة فيما يخص الحجاب أنهم يرونه يحيل إلى أبعاد أخرى ترتبط بطبيعة تصور شريحة لا بأس بها من المسلمين في تلك الدول الأوربية، تلك الأبعاد تتعلق بنمط الحياة التي يختارونها، وما قد يؤول إليه هذا الاختيار من تأثير مستقبلي على الاختيارات المهمة لتلك الدولة المركزية أو الدول الأوروبية بشكل عام، هذا إذا استبعدنا الخلفيات التاريخية والعنصرية والدينية التي تقبع وراء قانون منع ما يسمى بالحجاب وغيره من إجراءات تسعى للحد من طموحات المسلمين لديهم .
لقد أثار قانون حظر الحجاب في فرنسا جدلا كبيرا ! نظرا لدور فرنسا عبر ثورتها في نشر أفكار الحرية وحقوق الإنسان، فأخذ الموضوع أبعادا جديدة في الجدل حول تعارضه مع حقوق الإنسان والحريات التي تقر حق الإنسان في التدين، باعتبار أن ما يسمى بالحجاب في نظر من ترتضيه شأنا دينيا في الأساس، فهل كونه يعبر عن هوية إسلامية بشكل تبعي يصادر الحق فيه كواجب ديني ؟ وهل فرنسا كدولة ومجتمع غير إسلامي لها خصوصية في التعامل مع قضايا تخص بعض أفراد مجتمعها من المسلمين ؟ وإلى أي مدى يصادر إقرار الحجاب أو رفضه قيم الديموقراطيمة في المجتمع الفرنسي أو غيره ؟ أسئلة كثيرة أثيرت وكثر حولها الجدل والنقاش وليس بحثها مرادنا في هذه الورقة .
والملفت للانتباه أن الحجاب أخذ أولوية بين قضايا الدين التي تثير الجدل، فمن يتحدثون باسم المرجعيات الدينية يعتبرونه على قائمة الأولويات والفرائض ويعتبرونه مؤشراً على التدين، وفي الأوساط الاجتماعية يحتل مكانة تقترب من الشرف ويمثل تعبيراً عن التزام بأسس البلد والقبيلة والأسرة والحي، والحقيقة أن خلفيته اجتماعية محضة في تلك الأوساط الاجتماعية وإن أخذ لبوس الدين، فقد نجد البعض من غير المحتجبات متمسكات بتعاليم الدين أكثر من بعض المحتجبات في ذلك السياق الاجتماعي، إلا أن دعم هذا النمط من التحجب واعتباره مؤشراً على التدين في صعود .
كل هذا الخلل في هذا الجدل يحتم علينا العودة إلى نصوص الدين الصحيحة لفهم حكم ما يسمى بالحجاب، وفهم مقاصده وتقييم واقع المجتمعات في العمل به دون مؤثرات عرفية أو سياسية، والدفع بهذه العودة المعرفية المؤصلة الصحيحة كوسيلة لتصحيح الخلل الملاحظ لينجلي الكثير من اللغط حول الصورة الصحيحة للتشريع الإسلامي في هذا الباب، وسيدفع هذا التصحيح بقضية من أهم قضايا المرأة إلى فهم دور المرأة في المجتمع وواجباتها في التنمية، ولا يمكن تحقيق ذلك التصحيح بالقطيعة مع الدين باسم الحداثة، لأن ذلك -فضلا عن أنه موقف مسبق- سيؤول إلى قطيعة مع الواقع والمجتمع الذي يزداد فيه التدين انتشارا بصيغه التقليدية المليئة بالتصورات الخاطئة.
من هذا المنطلق أطرح هذه المقاربة النصية لما يسمى بالحجاب وتحديدا ( الجلباب والخمار ) وكيف لاحظ الشارع الحكيم في ذلك التشريع البعد الإنساني بستر الجمالية الخلقية في المرأة لتمكينها من المشاركة لا لمنعها، ومن  المناسب هنا أن أنبه  إلى أن تسمية لباس المرأة بالحجاب غير مطابقة لا لغة ولا شرعا، إذ الحجاب يطلق على كل ساتر بين شيئين، ولم يرد لفظ الحجاب وصفا للباس المرأة في الأدلة، ومن جهة أخرى أن في تلك التسمية لبس باشتراك النساء فيما اختص به أمهات المؤمنين من فرض الحجاب عليهن دون غيرهن، فتسميته بالجلباب والخمار كما جاء في كتاب الله هو الأولى.
وسأركز في هذه المقارنة على النص المؤسس -أعني القرآن الكريم- ، وسأعتمد بشكل أساسي على قراءة تحليلية لبُنية النصوص القرآنية ذات الصلة، واكتشاف دلالاتها من خلال سياقاتها والألفاظ المتعلقة  بها وما تدل عليه من مقاصد.
 
                      [ نصوص الدراسة ]
قال تعالى:(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أوبني إخوانهن أوبني أخواتهن أو نسائهن  أو ما ملكت  أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على  عورات النساء ولا يضربن  بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). (النور:30-31 ).
وقال تعالى:(والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم). (النور:60).
وقال تعالى:(وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).(الأحزاب:33).
وقال تعالى:( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما). (الأحزاب:53).
وقال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما). (الأحزاب: 59).
وقال تعالى: ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ....).(آل عمران:14).
وقال تعالى: ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سواتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ). (الأعراف: 26).
               [عبارات ومفردات هامة المدلول] 
 إن قراءة هذه الآيات يدعونا للتعرف على معاني مفردات وعبارات فيها كمفاتيح لفهم أحكام هذه الآيات في سياقها وفهم مقاصدها حتى يتم لنا فهما صحيحا لما يجب على المرأة , وأهم تلك العبارات هي ما يلي :
أولا: أمر الجنسين بالغض من البصر.
ثانيا: أمر الجنسين بحفظ الفروج.
ثالثا: ضبط زينة النساء ما يظهر منها وما لا يظهر.
رابعا: أمر النساء بالخمر والجلابيب يلي:عانة بها على تحقيق الغاية من الستر.
خامسا: نهي النساء عن تعمد الحركات اللافتة لنظر الرجال.
سادسا: التخفيف عن القواعد من النساء.
سابعا: النهي عن التبرج.
وهناك مفردات يجب أن نتعرف على مدلولها بالتحديد قبل الحديث عن دلالة الآيات وهي كما يلي:
أولا:(الجلباب) من جلبب فعل يفيد التجميع والإحاطة ، فالجلباب ما تحيط به المرأة محاسنها من الثياب وتجمعه على رأسها وصدرها وظهرها وتدنيه على أسفلها.
ثانيا:(الخمار) من خمّرَ فعل يفيد الستر والتغطية والخمار اسماً لما تغطي به المرأة رأسها.
ثالثا:(الجيب) من جَابَ أي قطع ومنه: جيب القميص أي فتحة الثوب عند النحر.
رابعا:(التبرج) من برج أي ظهر فالتبرج إظهار المرأة زينتها ومحاسنها لاستمالة نظر الرجال ورغبتهم.
خامسا:(الضرب) من ضرب أي وضع الشيء على الشيء وهو في الآية كناية عن الوضع بشدة أي الربط .
سادسا:(الإدناء) من الدنو أي القرب بالذات أو الحكم, ويستعمل في الزمان والمكان والمنزلة, ودانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما من الآخر: قاربت بينهما, ومنه أدنت المرأة  ثوبها عليها إذا أرخته وتسترت به.
 
    [الزينة الظاهرة ومستند تفسيرها والمؤشرات المحيطة بذلك]
 
في بداية حديثي هنا عن هذه الآيات سأتعرض لتعدد أقوال المفسرين في ضبط الزينة التي أبيح للمرأة إظهارها لكل الناس, وذلك في إطار تفسيرهم للاستثناء في قوله تعالى:(إلا ما ظهر منها) من النهي القرآني عن إبداء الزينة في قوله تعالى:(ولا يبدين زينتهن) لقد اعتبرها بعضهم الثياب, وليس في هذا القول نفي لإبداء الوجه والكفين في حين اعتبره بعضهم حصرا لا يجوز معه إبداء الوجه والكفين، وقد فسر عامة الصحابة والمفسرون من السلف والخلف الاستثناء بالوجه والكفين وما يرتبط بهما من زينة, وزاد بعضهم نصف الذراع, وزاد بعضهم الكوع، وذكر ابن عاشور قولا اعتبر الشعر من الزينة الظاهرة, والتعبير عن إباحة ظهور الزينة يشمل إباحة ظهور مواضعها من باب أولى.
لقد أستند المفسرون في ضبط أقوالهم في الزينة المباح إظهارها إلى علة تبيح كشفها, أو سترها، وهي المشقة والحرج, فرخصوا للنساء فيما أعتيد كشفه أو أدت الضرورة إلى إظهاره، إذ الإسلام حنيفية سمحة سهلة, ولذلك وقع الاستثناء لما يظهر بحكم ضرورة الحركة أو إصلاح شأن ما , أو لما يشق على المرأة ستره, أو قد جرت العادة والجبلة والفطرة على ظهوره، فالأصل فيه الظهور, فيكون معنى ما ظهر منها أي من غير إظهار متعمد لما ليس راجع لتلك الأسباب والعلل.
كما ذهب معظم المفسرين إلى أن الجلباب والخمار عام للنساء المؤمنات الحرائر, واستندوا في ذلك إلى أخبار تشير بأن النساء كن يتعرضن للأذى من قبل بعض السفهاء لعدم تميز الإماء عن الحرائر, فأمرن النساء الحرائر بالجلابيب والخمر ليعرف أنهن حرائر ولا يشتبهن على السفهاء بالإماء فلا يؤذين, ومما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك أنه كان يضرب الإماء ويقول: "اكشفن رؤوسكن ولا تتشبهن بالحرائر", وهذا ما قرره جماعة من الفقهاء منهم ابن تيمية رحمه الله قالوا: إن عادة المؤمنين في اختصاص الحرائر دون الإماء بالجلابيب والخمر, وعليه فسر قوله تعالى :(ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين) أي:أقرب أن يعرفن أنهن حرائر ولا تختلط أعيانهن على السفهاء بأعيان الإماء فلا يؤذين, وليس المعنى أن تعرف ذات المرأة ويعلم من هي , فجعل الستر فرقا يعرف به ماهية الحرائر من ماهية الإماء، وهذا يقودنا إلى مؤشرات ينبغي إدراكها لفهم الرؤية الصحيحة في موضوع  الستر في لباس المرأة, فمن هذه المؤشرات ما يلي :
أولا: أن تفسير الفقهاء للزينة الظاهرة وتعليلها يؤكد أنه لا تعارض بين التمسك باللباس الذي أمرت به المرأة للستر وبين ممارسة دورها في المجتمع وفي الحياة العامة وقيامها بشئونها , فإن الجلباب والخمار منضبطان بما لا يرتب على المرأة مشقة أو عسرا كبيرين في حركتها وفي قيامها بواجباتها.
ثانيا: أن ربط الفقهاء بين الزينة الظاهرة والعرف:يثير تساؤلا حول طبيعة نظرتهم لدور العرف في ضبط ما يظهر من الزينة, وأيهما يحكم الآخر في هذا المجال: النص أم العرف؟ فالنص القرآني جاء عاما لم يحدد ما ظهر منها, وقد جاء وصفه تاريخيا عبر عرف في نقله شيء من التفاوت.
 فهل هذا العرف التاريخي يحمل في هذا المجال بعدا تشريعيا أم أنه يرتبط بالبيئة التاريخية ويبقى لكل عصر عرفه الذي يضبط ما ظهر في كل عصر بحسبه ؟.
 من الواضح أن إشارة بعض النصوص وتوجيهات طائفة من المفسرين والفقهاء جاءت تشير تارة إلى أن ضابط الزينة الظاهرة هو الضرورة وتارة الحاجة وتارة ما تكره المرأة ظهوره منها , فهل يعتبر عرف عصر النبوة حدا ملزما ؟ أم أنه لابد من الرجوع لدلالة ما ظهر منها من خلال تحقيق سياق النص ودلالاته ؟.
 مما لاشك فيه أن النص الواضح لغة مرجعية مسلمة ، أما عُرف عصر النبوة المقر شرعا المنقول اتفاقا كالنص ولا يتصور تناقض النصوص قطعا، وما لم يثبت إقراره شرعا من ذلك العرف فمعتبر متى صح نقله عن جيل الصحابة إذ امتثالهم حاصل على معهود اللغة التي نزل بها القرآن، فإن وجد ما يتعارض من العرف الذي صح نقله عنهم فهو محل بحث واجتهاد يؤخذ بالراجح فيه فيما لا يمكن استفادته من النص .
ثالثا: أن قول طائفة من المفسرين بأن تعليل تشريع الجلابيب والخمر للتفريق بين الإماء والحرائر لتحصين الحرائر من إيذاء السفهاء, لا يعني أن المقصود في تشريعه مجرد التفريق بين الإماء والحرائر، كما أنه لا يعني الدونية في حقوق الإماء، لأن التسليم بأنه لمجرد التفريق سيعود بالنقض على تشريع الجلابيب والخمر عند اختفاء عهد الرق، وهذا ما لا يقول به أحد، أما التسليم بأنه للتهوين والدونية في حقوق الإماء فيعتبر مناقض لمقصد تشريع الجلابيب والخمر الذي هو تحقيق الطهارة والعفة كما أنه مناقض لمقاصد الإسلام العامة .
إذ كيف يتشوف الشرع لتحرير الرقيق والرقي به إلى الحرية ليتيح له بعد ذلك انتقاص حقوق العفة للإماء كونهن رقيقا .
فكيف يصح ذلك وقد أرشد النبي صلى الله علية وسلم إلى المساواة بين الناس كما حث السيد على الإحسان للموالي في اللباس والطعام والكلام , فضلا عن حقوق الدين والعرض والكرامة وهي الأهم .
 فهل يمكن أن يكون التعرض للإماء من قبل السفهاء أمرا لا يؤبه له في عصر النبوة أو فعلا مقبولا في حق الإماء وتصان عنه الحرائر ؟ إن في ذلك الفهم تسويغ للاعتداء على الغير يعبر عنه في عصرنا بالتحرش الجنسي الذي لا يسوغ القول بغض الطرف عنه أو القول بأن  مآل دلالات بعض الروايات المحتملة تقره الشريعة ؟.
إن مقاصد الإسلام يستبعد معها هذا الفهم, ولا يمكن للأخبار التاريخية المحتملة أو الضعيفة أن تؤسس لنا فهما يناقض تفسير النصوص القرآنية المحكمة, إلا في ضوء انحراف التاريخ الإسلامي عن حقيقة رسالة الإسلام سيما فيما يخص المعاني الإنسانية الصحيحة والحقوق والكرامة والعدل والمساواة.
والصحيح من ذلك الإشكال أن الرق لما كان في ذاته يحمل مانعا معنويا يصرف الأحرار عن التطلع إلى الإماء، كما أن المتعرض للإماء بالأذى تلحقه معرة كبيرة كافية في الزجر عنه، وأن حال الإماء يقتضي التخفيف عنهن في اللباس لما يكلفن به من المهنة والعمل خفف عنهن لذلك كما خفف عن القواعد من النساء لقلة طمع الرجال فيهن وقلة طمعهن في النكاح أيضا.
  ومن هنا نعود لاقتناص الدلالة الصحيحة في الغاية من تشريع الخُمر والجلابيب, وهذه الدلالة يمكننا تلمسها من خلال تأمل سياق آيات الأمر بالخُمر والجلابيب وغض البصر وحفظ الفروج فإنها تشير إلى أمر يتعلق بتهذيب غريزة فطرية لدى الإنسان لابد من الانتباه إلى ضبطها ومراعاتها، وضبط هذه الغريزة مسئولية مشتركة بين الذكر والأنثى, لذلك خُص كل منهما بخطاب يؤكد هذا الواجب الأخلاقي, وزيد في التكاليف المتعلقة بالمرأة في هذا الجانب بضوابط خاصة لأنها تتميز عن الرجل بجمالية في الخلقة, فالجلباب والخمار الذي أمرت به المرأة المسلمة الحرة ليس غاية في ذاته بل وسيلة معينة على تحقيق العفة والطهارة في المجتمع، فمن خلال هذا السياق لا ينفصل اللباس الذي أمرت به المرأة عن قصد العفة وطهارة الأخلاق التي أمر بها الرجل والمرأة سويا .
وهذا يؤكد لنا أن تشريع الجلابيب والخُمر يرتبط بالعفة والطهارة الأخلاقية بشكل مباشر، فما ورد في سياق الآيات حول ما يخفي من الزينة وما يظهر منها, ومن تظهر له المرأة كامل الزينة أو بعضها, وما ورد في الآيات الموالية لتلك الآيات من الحديث عن آداب الاستئذان والعلاقات الأسرية, وما لوحظ من تخفيف التكليف في ذلك عن القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا، وعن الإماء المكلفات بالمهنة وعمن لا أرب له في النساء من الرجال , والنهي عن تعمد الحركات اللافتة لنظر الرجال, والنهي عن التبرج أو تعمد إظهار الزينة غير المأذون فيها كل ذلك يؤكد أن العفة والطهارة هي المعنى المقصود من تشريع الجلابيب والخمر.
فاكتفى النص القرآني بوسيلة معينة لتحقيق ذلك المقصود كآلية لإخفاء الزينة الأخرى غير الظاهرة وتلك الآلية هي الخمار والجلباب، بحيث يبقى معهما الحد الذي تعرف به المرأة الحرة وتتميز عن الإماء في هويتها العامة.
 ويزداد ذلك وضوحا أن الجلباب والخمار من خلال استعمالاتهما اللغوية والتاريخية يشيران إلى الستر الشامل، وقد استثنى القرآن من الستر ما ظهر من الزينة ، ولم يعرِّف القرآن ما ظهر منها , والدلالة المتبادرة تشير إلى كون ذلك الظهور المأذون به هو الظهور الطبيعي التلقائي غير المتكلف, الذي يمكن المرأة معه القيام بشؤونها، فالحديث عن الستر بالخمر والجلابيب لا يمكن أن تكون معه دلالة ما ظهر من الزينة مفتوحة بحسب العرف المتغير لأنه سيلغيه تماما متى تغير ذلك العرف، وحينها لن يكون للستر الشامل الذي تشير إليه الاستعمالات اللغوية والتاريخية للخمر والجلابيب أي معنى .
فالنص القرآني إذا يشير إلى لباس طبيعي غير متكلف يستر الرأس والبدن من خلال دلالة الخمار والجلباب, ويسمح بظهور الوجه واليدين وزينتهما الطبيعية وما قد تحتاجه المرأة في أدائها لأعمالها اليومية.
 
               [المقصد من تشريع الجلباب والخمار]
إن الآيات كما يتضح لنا تشير إلى مقصد العفة وطهارة الأخلاق كمقصد أساسي لتشريع الخمر والجلابيب لعامة النساء الحرائر وقد زيد فرض الحجاب على أمهات المؤمنين لزيادة ذلك المعنى في حقهن, وهذا يشعرنا بأن النص لم يكتف في  هذه العفة بأن تتأسس على طهارة القلب فقط لذلك أمر عامة النساء الحرائر فيها بالجلباب والخمار ليحول ذلك دون التمادي أو التساهل والشطط في ضبط العلاقة بين الجنسين, فجعل اللباس المأمور به مانعا نفسيا للخلل وهو بمثابة عنوان ورقيب أخلاقي لهذه للعلاقة بين الرجل والمرأة .
فإذا صح لنا هذا الفهم للسياقات النصية المتعلقة بما أمر به النساء عامة وبما أمر به أمهات المؤمنين خاصة أمكن القول أنه بمعزل عن أن يكون تشريعا تاريخيا يرتبط بالتفريق بين الحرائر والإماء تفريقا مجردا، أو أنه تفريق يقتضي دونية يتهاون الشرع فيها بخدش العفة المحرمة في حق فئة دون أخرى من الناس، أو أنه تشريع مرتبط بأعراف عربية كانت سائدة يقبل الحال تغييرها مع تغير ذلك العرف, إذ الخطاب القرآني فرضناه مرتبط بمؤشرات لها صلة بقضايا ترتبط بإنسانية الإنسان وكرامته وقيمه وأخلاقياته العامة التي لا تختص بزمان دون زمان ولا بمكان دون مكان ولا بفئة دون فئة, ومن هنا كان كل تفسير ينقض هذه المقاصد الإنسانية السامية منقوض بسياق الآيات ودلالاتها المقاصدية .
إن دلالات النصوص الشرعية المحكمة تشريع يؤسس في المجتمع الإنساني فضلا عن المسلم ما يساعد على حفظ العفة وطهارة الأخلاق في تعامل الرجال مع النساء, فهذا التشريع وإن كان يميز المرأة الحرة المسلمة عن غير المسلمة فهو تمييز تبعي لا قصدي كونها قبلت الإسلام وأحكامه, أما تمييز أمهات المؤمنين عن غيرهن من المسلمات بزيادة فرض الحجاب فتمييز له مناسبته فإن لهن صفات لا يشاركهن فيها أحد فهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات للمؤمنين، أما تمييز القواعد من النساء المسلمات والإماء عن غيرهن من المسلمات فلمناسبة التخفيف عنهن حين وجد داعي التخفيف، وليس في شيء من تلك الفروق تفريط في أصل الطهارة والعفة المطلوبة شرعا.
فإن قيل: لِمَ لَم يراع في حق عموم النساء ما روعي من الزيادة في حق أمهات المؤمنين بالحجاب والقرار؟ قلنا: لأنه روعي كمال العفة والطهارة في حقهن كأزواج لخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وكونهن أمهات للمؤمنين فتفردهن عن كافة النساء بتلك الخصائص هي التي اقتضت تلك الزيادة قال تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء....).
فإن قيل: لِمَ لم يراع في حق عموم النساء ما روعي من التخفيف في حق القواعد من النساء والإماء طالما تحقق لهن بذلك التخفيف الطهارة والعفة المطلوبة شرعا؟ قلنا: لأن التخفيف عن الإماء وعن القواعد من النساء له دواعي متوفرة حسية ومعنوية فضعف الرغبة في القواعد وضعف رجاءهن للنكاح مع ضعفهن بالكبر كل ذلك داع مناسب للتخفيف عنهن كما أن انصراف الرغبة عن الإماء للرق مع كونهن مكلفات بالكثير من المهنة والعمل داع مناسب للتخفيف عنهن كذلك فرفع المشقة والحرج مناسبته ظاهره كما ترى بخلاف بقية النساء قال تعالى: ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ( الحج: 78) وقال تعالى:( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ( البقرة: 185).
هذا ما انتهيت إليه في  هذه المقاربة والمقارنة التي أقرر فيها أن تشريع الخمار والجلباب للمرأة في الإسلام حين تخرج من بيتها الغاية منه الإعانة على تحقيق معنى العفاف والطهارة وليست الغاية منه ستر البدن لذاته؛ ولذلك قال تعالى:( ولباس التقوى ذلك خير ).(الأعراف:26).
إن الإسلام بتحقيقه لتلك المقاصد ضرب أروع محاسن التشريعات في الحفاظ على حقوق المرأة وطبيعتها وكرامتها فكان فضيلة بين رذيلتين جاهليتين إحداهما حجرت عليها وحجبتها في أضيق الحدود خوفا منها أو خوفا عليها من تلك الجمالية الخلقية التي خلقها الله عليها ولا يد لها في ذلك الاختيار، والأخرى امتهنتها وابتذلتها غاية الابتذال فدفعت بها إلى أبشع صور الفساد والانحلال طمعا في تلك الجمالية الخلقية التي خلقها الله عليها ولا يد لها في ذلك الاختيار.
بينما جعل الإسلام النساء شقائق الرجال في شريعة وسطية حفظ لها حقوقها في الحياة الكريمة وأنزلها منزلتها الحقيقية الصحيحة لتشارك في الحياة العامة وعمارة الأرض كإنسان شرع له ما شرع لغيره من العلم والعمل والاختيار والتصرف مثلها في ذلك مثل الرجل دون أن يخرجها ذلك عن طبيعتها التي خلقها الله عليها وبعيدا عن ذلك الخوف أو الطمع اللذان انحرفا بمسيرتها قسرا أو استغلالا عبر حقب من التاريخ وسيظل منهج النبوة وعصرها حجة محفوظة على كل صور ذلك الانحراف وحقبه.
 ولنلاحظ هنا أنه وإن كان تشريع الجلباب والخمار يخص المسلمات إلا أن المعاني المقصودة فيه إنسانية, لأن بروز المرأة في المجتمع بالجلباب والخمار الذي يستر ما فيها من اختلافات خلقية جاذبة للرجل سيهذب تعامل الرجل معها على تلك الهيئة لأن محاسنها المثيرة للغريزة مستورة عن ناظري الرجل فلا يتعلق تفكيره بشيء من تلك المحاسن المستورة ولا تتحرك غريزته نحوها من خلال النظر إلى المرأة على تلك الهيئة المصانة، بخلاف ما لو أظهرت المرأة تلك المحاسن فإن بواعث الغريزة ستتحرك في الرجل من خلال رؤيته لمحاسن المرأة غالبا، وهنا قد ينشأ عن ذلك المثير إما علاقة مشروعة وإما علاقة غير مشروعة ولذلك أوصد الشرع المدخل من هذا الجانب المخوف منه بالأمر بالخمر والجلابيب حفظا لتلك العلاقة الإنسانية الواقعة حتما بين الرجال والنساء ومنعا لما قد يثير الغريزة فيشوش تلك العلاقة الإنسانية ويفسدها فيفسد بها الكثير من المصالح المعتبرة من خلال تلك العلاقة الإنسانية الحتمية السليمة لعمارة الأرض ونمو الحياة الصالحة فيها.
 إن ميل الرجل نحو المرأة أمر غريزي فطري تكويني فلا يسع الإنسان في الجملة الانفكاك عنه لا شرعا ولا كونا قال تعالى:(زين للناس حب الشهوات من النساء ..)، كما أن حاجة الخلق بعضهم لبعض رجالا ونساء أمر لا يسع الإنسان الانفكاك عنه لا شرعا ولا كونا قال تعالى:يا بني آدم إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..) .
وعلى هذا فمعارضة شيء من تلك السنن محاولة لمناقضة سنن الكون والفطرة وهو أمر مستحيل، كما أن فوضى العلاقات والعبث فيها عبث بتلك السنن ومضيعة لمصالح البشرية فلذلك لم يهمل الخالق سبحانه التشريعات الحافظة والمصلحة للخلق في ذلك، فالاعتدال والتوازن الحق الأخذ بتشريعات الخالق في تهذيب وتنظيم تلك العلاقات التي لن تنفك عنها البشرية جمعاء ولولا حتمية حدوث العلاقة بين الرجال والنساء في خارج إطار الزوجية لم يكن هناك حاجة لتلك التشريعات المنظمة لتلك العلاقات ومن أبرزها فرض الجلباب والخمار.   
 ومن هنا يبرز لنا البعد الإنساني بوضوح فإن أمر الشارع الحكيم بستر النساء بالخمر والجلابيب يعني بوضوح مشروعية مشاركة المرأة في الحياة العامة وعمارة الأرض وتنميتها إن لم تكن تلك المشاركة ضرورة أو حاجة. إذ أنه لن تتهيأ للمرأة البيئة السوية للمشاركة بفاعلية في المجتمعات ما لم تختف في سياق تلك المشاركة عناصر الإثارة في المرأة للرجال، فجاء الأمر بالستر في اللباس (بالجلباب والخمار) لينظر إليها الرجل حين ذلك كإنسان قد سترت الفوارق الخلقية الجمالية المثيرة فيها عن الرجال فلا يظهر في تلك العلاقة الإنسانية المتساوية بين المرأة والرجل ما يخرجها عن مقصودها.
فالشريعة الإسلامية السمحة جاءت بتشريع الخُمر والجلابيب كتنظيم وتهذيب للعلاقة الحتمية في المجتمع بين الرجال والنساء من خلال ستر المثير للغريزة وإبقاء الحالة الوجودية فيهما إنسانية مجردة عن فارق مثير، فكان المشرع بهذا مستصحبا في ذلك التشريع للبعد الإنساني فيهما.
فالجلباب والخمار آلية شرعية جاءت لتنظم تلك العلاقة الإنسانية وتهذبها في بعد إنساني رائع ولم تأت لقطعها، وفي هذا إشارة واضحة إلى اعتبار المرأة مشاركا للرجل في الحياة العامة كإنسان أستتر فيها ما يثير غريزة الرجل.
  
                               [النتائج ]
 الأولى: أن الجلباب والخمار واجبان على المرأة إذ خرجت عند الأجانب.
الثانية: أن الخمار هو ما يغطى الرأس ويضرب به على الجيب لا الوجه.
الثالثة:أن الجلباب هو ما يستر سائر بدن المرأة.
الرابعة:أن الزينة الظاهرة في أرجح الأقوال وأكثرها وأصحها هي الوجه والكفان والزينة فيهما.
الخامسة:أن تشريع الجلباب والخمار ليسا مقصودين في ذاتهما وكل ما شرع لتنظيم علاقة الرجال بالنساء من التشريعات يقصد به العفة والطهارة.
السادسة: أن التفريق بين الإماء والحرائر في الجلابيب ليس تفريقا مجردا يقصد به فقط تمييز الإماء عن الحرائر، وليس تفريقا يقصد به التهوين من حقوق الإماء، وإنما القصد منه التخفيف عن الإماء لما في الرق من مهانة معنوية فلا يتطلع لهن ولما يكلفن به من المهنة .
السابعة:أنه لا تعارض بين اللباس الذي أمرت به المرأة وبين ممارسة دورها في المجتمع وفي الحياة العامة.
الثامنة: أن تشريع الجلباب والخمار قائم على تجسيد البعد الإنساني في العلاقة بين الرجال والنساء من خلال ستر فوارق الخلقة الجمالية المثيرة في المرأة.
 
                         [التوصيات ]
الأولى:ضرورة نشر الوعي بهذه المعاني السامية الإنسانية المقصودة في تشريع (الجلباب والخمار) لدى المرأة والمجتمع عموما لتعميق قيمة ذلك التشريع ودعم ثقة المرأة بنفسها إذ كان ذلك التشريع يعطي معنى اعتبار الشارع الحكيم لمشاركتها في الحياة العامة بخلاف ما يظنه الكثير من أن ذلك التشريع لحجبها لا لتمكينها.
الثانية:نشر الوعي الاجتماعي بأن الشارع الحكيم حينما قرر ذلك التشريع أنما قرره لتمكين المرأة من المشاركة في الحياة العامة فإن ذلك يعني تأييد ظاهر لأهمية دور المرأة في الحياة العامة والعمل والتنمية بمشاركة الرجل وأن على المجتمع المساهمة في دعم هذا الدور مع التمسك بذلك التشريع حفاظا على حقوق المجتمع والمرأة جميعا . 
 ثالثا:ضرورة العرض على الجهات الرسمية المختصة بدراسة تنظيم متكامل يهيأ للمرأة العمل بالجلباب والخمار المشروع مع تحديد صفتهما العامة وإدراج ذلك ضمن شروط العمل للراغبات وسن النظم الإدارية على المخالف لذلك.
رابعا: تمكين الجوانب التربوية في الناشئة وربط الوسائل بمقاصدها في التشريعات المنظمة للعلاقة الإنسانية بين الرجال والنساء مع تعميق قيم حب العمل وإتقانه في نفوس الناشئة لتحقيق الدور المتوخى فيهم مستقبلا على أمثل صورة شكلا ومضمونا.
 
وأخيرا فإنني جمعت ما تيسر لي من النصوص التي أرى أنها تساعد على إيضاح حدود وأبعاد العلاقة بين الرجل المرأة ومشاركتها معه في ميدان العمل والتنمية، فقد لا يتسع وقت هذه الورقة لمناقشته كما أنه في مرحلته الأولى وإنما رغبت ضم مسودة مشروعه مع هذه الورقة لما له من علاقة كبيرة بدور المرأة في العمل والتنمية، سميته ( بالأسوة في بعض أحكام النسوة ) وفيه تفاصيل لا غنى عنها لمزيد من الوضوح في حدود تنظيم هذه العلاقة أرجو أن يتهيأ لي إتمامه وتبوبه ووضع دراسة على أحاديثه متكاملة من كل جوانبه، وأرجو أن يكون رافدا مؤكدا لما طرح في هذه الورقة.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
                                            د.أحمد بن قاسم أحمد الغامدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق