http://www.iraqoftomorrow.org/articles/89232.html
قرأت مقالاً على صفحات الإنترنت في العاشر من شهر تشرين الثاني الحالي للدكتور عائض القرني تحت عنوان " العالم الثالث في غيبوبة " إعتبره ناشره ، الذي لم يتضح موقع نشره ، بأنه فلتتة ثقافية دعى إليها جميع " ألأخوة والأخوات طالباً منهم أن يكتبوه بماء الذهب ويعلقوه على باب كل مسجد ويوَزع على المصلين في صلاة الجمعة " ولتبرير طلبه هذا عرج الناشر ، الذي قد يكون أحد أعوان القرني هذا ، على التعريف بالدكتور عائض القرني قائلاً " أنه الذي ألّف الكتب في الفقه والتفسير لأهل السنة والجماعة وله دوواين شعرية وتراجم (لا نعلم من أية لغة ) ، وكتَب الشيخ كتباً في السيرة والحديث والأدب " إنتهى مديح وتقديم الناشر لكاتب المقالة أعلاه .
ألظاهر أن صاحب هذا المديح يغط في واحدة من مشكلتين : فإما أنه لا يعرف عائض القرني هذه ولم يقرأ له إلا هذا المقال . فإن كان الأمر كذلك فإن مديحه هذا لا قيمة له البتة لأنه لم يستند على المعرفة اللازمة لمثل هذا التقييم . أو أنه يعرفه تمام المعرفة ، فيكون تقييمه له هذا بمثابة " بوس اللحى " كما يقال ، وإن الطيور على أشكالها تقع .
حقيقة كتب الدكتور عائض القرني كثيراً من الكتب في مواضيع شتى . واعتبر هو بالذات كتبه هذه ذات مستوى عال من العلم والمعرفة فوصفها " بالمكتبة المقروءة " واعتبرها أساساً للإنسان السعيد ، وللصعود والتفوق ابداً ، والسمو في طلب العلم ، وتحدي المصاعب ، والإنتصار على ألأزمات ، وأسعد إمرأة في العالم إلى غير ذلك من المواضيع الكثيرة الأخرى التي جعل قسمها الأعظم عناوين لكتبه التي يمكن الإطلاع عليها على موقعه الخاص على الإنترنت . ولتقييم مثل هذه الكتابات التي تصدر عن مستوى تفكير كالذي يحمله عائض القرني لابد للمقيم أن يتخذ إحد الموقفين . فإما أن يكون على شاكلة المنهج التفكيري الوهابي المتخلف ، فيؤمن بما جاء به نظير فكره هذا ، أو أن يعارضه في التفكير ، ولا أقصد هنا المعارضة المذهبية التي لها أبواباً ووجوهاً أخرى ، بل أقصد ، وهو ما أحاول اللجوء إليه في هذه المساهمة ، المعارضة العلمية المستندة على العقل وقدرة الإنسان على التفكير والتحليل حسب المنهج العلمي الحديث ، لا حسب المنهج الغيبي المتوارَث .
من الممكن طبعاً تناول مضمون مقال القرني هذا كلمة كلمة وتفكيكه بسهولة تقود مباشرة إلى التعامل معه كأي نكرة من النكرات التي لا تصمد أما الإختبار العلمي ، فسرعان ما تنهار أوصالها وتختفي من الوجود . إلا أنني لا أريد أن أشغل القارئ كثيراً بمثل هذه الخزعبلات التي يمكن الإطلاع علهيا كاملة تحت عنوان المقال وصاحب المقال على ألإنترنت . إن ما سأسير عليه هنا هو الإستشهاد ببعض ألأمثلة مما كتبه القرني سابقاً وما هو مستمر على كتابته والترويج له خطابياً حتى يومنا هذا ، وبين ما نشره في مقاله هذا حول غيبوبة العالم الثالث التي يتباكى عليها ، وهو أحد أسبابها ، إلا أنه يصمت عن قول الحق كهذا ، كأي شيطان أخرس .
فحينما يخرج علينا اليوم الداعية الإسلامي عائض القرني نائحاً على العالم الثالث الذي يغط في غيبوبته ، فإنه قد يفاجئ البعض بهذه الأطروحة التي ينطق بها جهراً اليوم بعد أن سكت عنها دهراً بالأمس . يتباكى القرني على عالَمه الثالث النائم ، ويقارنه بالعالَم الواعي النشط المتقدم ، فيجد المفارقة التي لا يريد الشيخ أن يذكر أسبابها وذلك لسبب بسيط ألا وهو إدراكه بأنه هو ورهطه من مشايخ الثقافة الإجتماعية والفتاوى الدينية ، ونظامه الذي يلفه والأنظمة العربية وما تسمى بالإسلامية التي تلتحف بالدين لهذا الغرض أو ذاك ، بأن هؤلاء جميعاً هم السبب الأساسي في الغيبوبة التي يغط بها هذا العالم النائم ، والتي لا خلاص له منها قبل خلاصه من زمر الدجالين الركع السجود في القصور الملكية ومراكز السلطة الأخرى الذين سخروا الدين بوعظهم وفتاواهم لتزداد هذه القصور والمؤسسات ترفاً وتسلطاً وجبروتاً يوماً بعد يوم. أنت ومن أمثالك ، ايها الداعية الدعي ، من تزقون هؤلاء النوَّم صباح مساء بجرعات : كنتم خير أمة أُخرجت للناس ، وإن الدين عند الله الإسلام ، وأنتم الأعلون ، لا تفكر لها مدبر ، رزقكم في السماء وما توعدون ، ودار الدنيا الفانية والآخرة خير وأبقى والكثير الكثير من المقولات التي ترمونها على آذان الناس يومياً ومنذ عشرات السنين ليفهمها الناس على شكلها اللفظي البسيط ، دون أن يجرأ أي واحد منكم ، يافقهاء السلاطين ، أن يبين للناس المعنى والمضمون الحقيقي لهذه المقولات وغيرها . هل تجرأ أي واحد منكم على العمل على تغيير بعض المناهج المدرسية الدينية في دولتكم الوهابية التي تصرف مئات الملايين من الدولارات سنوياً على نشر الفكر الإرهابي الحاقد على الغير والرافض له ، إذ أن أطفالكم لا يتعلمون بالشكل القرآني العلمي الصحيح ما المقصود أساساً بعبارة : أن الدين عند الله الإسلام . فلا عجب إذن والحالة هذه أن ينتمي أكثر مجرمي الإرهاب في العالم إلى بلدكم أو إلى مجموعاتكم التي نشرتموها ولا زلتم قائمين على نشرها لحد الآن بين الشعوب المسكينة المغلوبة على أمرها ، مستغلين بذلك حاجة هذا إلى المال وذاك إلى العلاج وغيره إلى العمل وهكذا لتطيلوا هذه الغيبوبة التي يتباكى عليها القرني اليوم وهو أحد المساهمين في إيجادها منذ أن بدأ وعظه مقروءً ومكتوباً . مَن يتربى على كره الآخرين والدعوة إلى قتالهم لا يتعلم نقيض ذلك الذي يصب في مجرى التلاقح الحضاري مع هؤلاء الآخرين ، فالمثل يقول : مَن شبَّ على شيئ شاب عليه . فلماذا ينافق القرني هذا بذرف دموع التماسيح على غيبوبة الشعوب العربية والإسلامية وهو الذي يكرر تقيؤاته في مجالسه الوعظية وفي كتبه التعليمية التي لا تؤدي بنتيجتها النهائية إلا إلى الغيبوبة الأبدية التي لا يظل للحياة هذه معنى فيها لدى متلقي " علوم ووعظ وإرشادات " هذا الفقيه الذي يدعو ورجال دينه المتخلفين ليل نهار بالنصر وطول العمر لسلطانه الجائر، فتتوفرلمثل هذا المتلقي الغائب عن العالم هذا القناعة الراسخة بعدم جدوى الصحوة في هذه الحياة الدنيا الفانية ، وما عليه إلا أن ينتظر في غيبوبته هذه حياة الحور العين والولدان المخلدين ، فتباً إذن للعلم والعمل والحضارة والرقي والإكتشافات وكل موبقات الكفر والكفار هذه . اليس هذه هو ديدنك ودينك وكل ما تحتويه كتبك وخطبك في مجالسك الكثيرة التي أصبحت حتى بعض الفضائيات الطائفية كالجزيرة والمستقله وسواهما تتلاقفها باعتبارها مادة دسمة لإستغباء الناس .
لنقرأ بعض ما جاء بكتابه " السمو " الذي يريد أن يصل بمحتواه هذا إلى سمو الإنسان المسلم والعربي إلى مصاف سمو إنسان القرن الحادي والعشرين الذي يتباكى القرني على تخلف بني قومه عنه واستمرارهم في سباتهم الأبدي .
" إن طريق السمو(مشقة) ؛ فأول السمو عندنا يبدأ بصلاة الفجر ، ومن لا يحضر صلاة الفجر فليس من أهل السمو ولا المعالي ولا السعادة، ولو زفت له الدنيا، وصفقت له البنود، وهتفت له الجنود ، وارتفعت عليه العلام ، وسددت أمامه السهامز
أبداً .. أبداً!!
لأن انطلاقتتنا الكبري من صلاة الفجر، من تكبيرة الإحرام النبي صلي الله عليه وسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي في مسلم: (( من صلي الفجر فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم من ذمته بشئ ، فإنه من طلبه أدركه كبة على وجهه في النار)).، ومن المحراب ننطلق إلي المعالي ، ومن لا يصلي الفجر والفروض الأخري جماعة ـ بلا عذر شرعي ـ فلا تظنه من أهل السعادة والسمو. "
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن فوراً عند قراءة وسيلة الوصول إلى السمو هذه هو : ألم تُسخروا مطاوعتكم منذ عشرات السنين لسوق الناس إلى الصلاة سوقاً ، وإلى صلاة الفجر عبر مكبرات الصوت الضخمة التي لا أساس لها في سنة النبي ولا في سنة صحبه ؟ فإين إنطلاقتكم إذن وأين سموكم وأنتم تحضرون جميعاً وتتسابقون ، كذباً وتزلفاً لا إيماناً وتعبداً، إلى صلاة الفجر ؟ فمتى تتم إذن إنطلاقتكم من المحراب إلى المعالي ولماذا لا تسأل نفسك هذا السؤال في عويلك الكاذب على غيبوبة الأمة التي تتلقى العُصي على الظهور لتقديم فروض السمو هذه ؟ فأجيبك على هذا السؤال بالقول : أنكم لا زلتم غفاة بالرغم من تأديتكم صلاة الفجر ، طريق السمو ، والفروض الأخرى ، ولم تصلوا السمو لحد الآن لأنكم غير مخلصين للدين في تأدية مثل هذه الفرائض ، ولم تؤدوها كما رسمها الدين بكل بساطة وبدون تكلف ، بل كما رسمها فقهاء السلاطين ، وأنت واحد منهم يا سيد القرني ، وبالإكراه في أغلب الأحيان ، وهذا هو سر عميق من أسرار التخلف الذي لا تريدون الإعتراف به ، فتكذبون على الناس تندبون غيبوبتهم التي سيظلون فيها ما دمت أنت وأمثالك مَن له فصل المقال في أمور دين ودنيا هؤلاء المساكين المغلوبين على أمرهم دوماً ، خاصة تحت إجراءات نظام قمعي متخلف كنظامك السياسي في قصور آل سعود وكل الملوك الذين لم يدخلوا قرية إلا وأفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة .
لا نقاش في أن العلم وإنجازاته الرائعة على مدى تاريخ البشرية حقق القفزات الحضارية التي وضعت شروخاً حقيقية فاصلة بين الأمم التي تبنت وطورت واستمرت على تطوير هذه الإنجازات وتوظيفها لأغراض حياتها اليومية ، فتبلورت حياة القرن الحادي والعشرين التي يشتهيها القرني إلا أن ثقافته الصحراوية تحول بينه وبين ذلك . هذه الثقافة القائمة على مبدأ : النصر أو القبر ، أو : وأنتم ألأعلون ، و ، إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً تخر له الجبابر ساجدينا ، وغير ذلك من العنجهيات الفارغة التي أصبحت تنظر إلى العلم ، مهما عظُم شأنه، وكأنه لا يساوي جناح بعوضة أما إمتشاق العربي لسيفه . فالنقرأ ما كتبه هذا الداعية الدعي حول العلم :
، أما طلبة العلم في هذا الزمان ـ إلا من رحم ربك ـ فإن أحدهم يدخل الى الجامعة أربع سنوات فأكثر ، ثم يخرج وهو جاهل، ثم يري أنه إمام الدنيا وحافظ العصر ، وخاتمة المجددين النبي صلي الله عليه وسلم يقول أخدهم في دخول للكلية:
ودخلت فيها جاهلاً متواضعاً
وخرجت منها جاهلاً دكتورا!
يقول : كنت قبل دخول الكلية جاهلاً لكني متواضع ؛ اسلم على رأس أبي، وأقبل كف أمي، وأجلس مع زملائي، فلما درست وتعلمت لسنوات خرجت فلا تواضع ولا احترام ولا أدب !..، وهذه صورة قبيحة لطالب العلم.
لا عجب إن كانت هذه الجامعة في الدولة التي لم يعترف موجههوا الأجيال فيها بكروية الأرض لحد الآن ، ويصرون على أن ألأرض مركز الكون وإنها محمولة على قرني ثور ، وإن أشهر علمائهم الباز لم يكن يملك من الأدلة على نقض نظرية التطور لدارون غير عبارته المشهورة : أصبح عمري ستين عاماً ولم أر قرداً تحول إلى إنسان . أفبهذا " العلم " تصحوا ألأمم الراقدة في غفوتها الأبدية ؟
ولنتابع مقطعاً آخراً للمتباكي على الغفاة من بني قومه وهو الذي يغني لهم " تنويمة الجياع" في مضاجعهم فيمثل بذلك قمة النفاق الإجتماعي والتخلف الفكري الذي يسميه دين المحبة والتسامح في الوقت الذي يدعو فيه هو وكل نظراءه الطائفيين إلى جعل الغير الآخر في الصفوف الخلفية من المجتمع ، هذا إذا لم يعتبرهم مرتدين فيبيح دماءهم ، وما هذا إلا الإستهانة بالإنسان وبكل ما يملكه من قيم وتراث وحضارة . يقول عائض القرني :
قال اهل العلم : المجد والسمو في ثلاثة : أن تمرغ وجهك ساجداً لله ، وأن تأكل الحلال، وأن تكون سليم الصدر ، ثم لا يضرك ما فاتك من الدنيا من دورها وقصورها وذهبها.
اسمع الى الوحي يخاطبك بأن ترتفع (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(آل عمران: الآية139) ، لا يصيبك إحباط ولا يأس ولا فشل ، وأنت تسجد لله ومعك القرآن ، وقد هديت الى تكبيرة الإحرام ، ومعك أخوة صالحون، ومعك دعاة وعلماء ، إن الله يحب معالي الأمور.
والنابلسي المحدث العالم الزاهد الذي أفتي بفتوي شجاعة في الفاطميين المنحرفين الكفرة ـ عند كثير من أهل العلم ـ قال: من عنده عشرة سهام فليرم الفاطميين بتسعة والنصارى بسهم، فطعنه يهودي بالخنجر ، قال الذهبي : كان دمه يتصبب في الأرض وهو يقول : الله .. الله .. الله..!.
تسعة سهام للفاطميين ، الذين ينطقون الشهادتين في عرف الشريعة التي يدعو إليها منافقو الوهابية . أي الحرب على الجبهة الداخلية بتحريض المسلمين على قتل بعضهم البعض ، والعمل في نفس الوقت لتوفير بعض أدوات القتل لغير المسلمين من النصارى . فعن أي دين يتحدث هذا الشيخ الواعظ بلغة الموت ؟ هل هذا هو سلاحه الوحيد للصحوة ؟ إن كان الأمر كذلك فما فاز إلا النوَّم .
لا نريد أن تطرق بإسهاب إلى ما تعانيه المرأة في المجتمع السعودي القائم على مواعظ وإرشادات وتوجيهات الشلة الوهابية المتخلفة التي يشكل عائض القرني واحداً من وجوهها التي تطل من كل كوة . ولا نريد أن نجعل من هذا الموضوع كواحد من الأسباب التي أدت وتؤدي إلى أن يظل المجتمع السعودي مثار سخرية العالم كله لموقفه الشائن هذا من المرأة التي بدت في السنين الأخيرة وكأنها تريد أن تنتفض على واقعها المزري هذا ، إلا أن وسائل هذه الإنتفاضة لم تكتمل لها بعد . فكيف يعجب القرني من مجتمع يغط في غيبوبته وهو يعطل نصفه عن النهوض متعاملاً مع هذا النصف بكل الوسائل اللاأخلاقية واللاعلمية كنقص الدين والعقل ، وكأن خالقها الذي جعل من ألإنسان ، ولم يقل الرجل ، خليفته على الأرض قد إرتكب في خلقها كثيراً من الأخطاء التي جعلتها ناقصة بهذا الشكل . إلا أن الفقيه النبيه عائض القرني يريد إنتشالها من غيبوبتها ، ويا لها من رجولة وشهامة أعرابية ، فيكتب لها كتاباً سماه " أسعد إمرأة في العالم " تغنيك مقدمته التالية عن قراءته ، إذ ان كل إناء بالذي فيه ينضح :
المكتبة المقروءة
اسعد إمراة في العالم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى وصحبه ومن والاه ، بعد:
فهذا كتاب يناشد المرأة أن تسعد بدينها ، وتفح بفضل الله عليها ، وتستبشر بما عندها من نعم ، انه بسمة أمل ، نسيم رجاء ، وإشراقة بشرى ، لكل من ضاق صدرها ، كثر همها ، زاد غمها ، يناديها بانتظار الفرج ، وترقب اليسر بعد العسر ، ويخاطب عقلها الذكي ، وقلبها الطاهر ، وروحها الصافية ، ليقول لها : اصبري واحتسبي ، لا تيأسي ، لا تقنطي ، تفاءلي ، فإن الله معك ، والله حسبك ، الله كافيك ، والله حافظك وليك .
أختاه : أقرئي هذا الكتاب ، ففيه الآية المحكمة ، والحديث الصادق ، والقول الفصل ، والقصة الموحية ، البيت المؤثر ، والفكرة الصائبة ، التجربة الراشدة ، أقرئي هذا السجل ليطارد فيك فلول الأحزان ، وأشباح الهمم، وكابوس الخوف والقلق ، طالعي هذا الديوان ليساعد على تنظيف الذاكرة من ركام الأوهام ، أكوام الوساوس ، ويدلك على رياض الإنس ، وبستان السعادة ، وديار الإيمان ، وحدائق الأفراح ، وجنات السرور ، عسى الله أن يسعد في الدارين بمنه وكرمه انه جواد كريم .
وقد جعلته كنزاً يحوي حليا زاهيا تتجملين به ، فيه من بريق الحسن ، ولمعان الجمال ، وسناء الحق ، ما يفوق وميض الذهب ، و إغراء الفضة ، سميت فصوله بأسماء الحلى ، من سبائك ، وعقود ، وفرائد ، ومرجان ، وجمان ، وجواهر ، وخواتم ، والماس ، وزبرجد ، وياقوت ، درر ، ولآلي ، وزمرد ، وعسجد .
فإذا كان هذا الكتاب عندك فلا عليك من كل زخرف دنيوي ، وزينة جوفاء ، ومظاهر زائفة ، وموضات تافهة ، فتحلي بهذه الحلية ، والبسيها في مهرجان الحياة ، وتزيني بها في عرس الدنيا ، وفي أعياد السرور ، ومواسم الأفراح ، وليالي البهجة ، لتكوني - إن شاء الله - ( أسعد امرأة في العالم )
إن سبيل سعادتك يكمن في صفاء معرفتك نقاء ثقافتك ،وها لا يحصل بالقصص الرومانسية الخيالية التي تجر القارئ إلى الخروج من واقعه والذهاب بعيدا عن عالمه ، وقد تجدين فيها أحلاما وردية ، وخمرة أوهام مسكرة ، ولكن ثمارها إحباط وانفصام في الشخصية ، وكآبة قاتلة ، بل ما هو اخطر من ذلك كقصص ( أجاثا كريستي ) التي تعلم الخدام والجريمة والنهب والسلب وقد طالعت سلسلة ( رائع القصص العالمي ) وهي مترجمات منتقاة من القصص الخلابة الجذابة ، الحازة على جائزة نوبل ، فألفيتها مشوبة بكثير من الأغلاط الكبرى والحماقات . ولا شك أن في بعض روائع القصص العالمي روايات جيدة ، من حيث رقي الفن القصصي والعمل الروائي .. كرواية( الشيخ والبحر ) لآرنست همنغواي ، وأشباهها من القصص التي جانبت الفحش والرذيلة ، وسلمت من غوائل الانحطاط الأخلاقي والإسفاف الأدبي.
فحق على كل راشدة أن تطالع التراث القصصي الراشد : مثل كتب الطنطاوي والكيلاني والمنفلوطي الرافعي و أمثالهم ، ممن لديه طهر ، وعنده ضمير حي ، ويحمل رسالة واعية ، وإنما ذكرت هذا : لأنني حرصت على نقاء كتابي من لوثة الأجنبي ، وسم المنحرف ، وغثاء التافهين ، فكم من ضحية لمقالة ، وكم من قتيل لرواية ، والله الحافظ .
وعلى كل حال ، فلا أجل ولا أحسن من قصص الله في كتابه ، ورسوله r في سنته ، التاريخ المجيد للأبرار من الخلفاء والعلماء والصالحين ، فسيري على بركة الله ، فأنت السعيدة بما عندك من دين وهدى ، وبما لديك من عقيدة وميراث.
يتحدث عائض القرني في مقالته حول غيبوبة العالم الثالث عن " بناء الإنسان في العالم الثالث وتأهيله وتدريبه وتمرينه ليكون عنده روح نظامية وذائقة جمالية ولياقة أخلاقية واحترام للنظام ولطف في المعاملة ورقة في المشاعر، وكلما حدثنا قومنا عن العالم الأول ورقيه المادي وذوقه الراقي ونجاحه في أمور دنياه وترتيبه لشؤون حياته، صاح بنا بعض إخواننا وضجوا وقالوا لنا: اتقوا الله ولا تنقضوا عرى الإسلام عروة عروة، وكأن وضعهم السيئ من الجلافة والعجرفة والقسوة والفظاظة والغلظة هو ما يمثل الإسلام، الدين العظيم، والحقيقة أن الإسلام رسالة مشرفة ومنهج قويم، لكنه شيء وواقعنا شيء آخر، نحن نفشل كثيرا في تطبيق تعاليم الإسلام وأخلاقياته السامية ومثله العليا، فإذا انتقدنا أحد تترسنا بالإسلام واحتمينا به أمام النقد والتقويم. "
عن أي إنسان يتحدث هذا القرني ؟ أهو يتحدث عن الإنسان الذي لا يملك أبسط مقومات حريته حتى حينما يسير مع زوجته أو أخته على الشارع العام دون أن يحسب حساب الرقيب الذي يجوب شوارع مملكته العتيدة ليتأكد من صلة القرابة ممن يسير معه ، من هذا المخلوق الناقص في كل شيئ والذي إسمه المرأة ، والقرني يعيش دهراً تحت ظروف الغيبوبة هذه ولم نسمع منه يوماً أنه دعى إلى تخفيف وطأتها على الأقل ليشعر هذا الإنسان الذي يريد أن يبنيه القرني بنوع من الثقة على الأقل بينه وبين مجتمعه . أم هو يتحدث عن إولئك الغوغاء من الناس الذين يزج بهم القرني وفقهاؤه في سوح الموت " الجهادي " عندما يفخخونهم كما يفخخون البهائم ليبعثوا بهم إلى ما وعدوهم به من حور العين على أرض العراق وافغانستان فيقتلون النساء والأطفال والعمال والمارة في الأسواق والشوارع بحجة الإحتلال ، والإحتلال الصهيوني على سواحل بحارهم والأمريكي في عقر دارهم ، فلا يتناولونه بما يسبب له شيئاً من الإزعاج ، ناهيك عن جهاده . أم أنه يتحدث عن الإنسان الذي لا ينال من العلم والمعارف إلى ذلك الجانب المظلم من فقه فقيه الإرهاب إبن تيمية وهرطقات محمد عبد الوهاب وخزعبلات مجالس الإفتاء والشورى في مملكته التي تصدر كل هذه التفاهات بمئات الملايين من الدولارات سنوياً لبناء الجيل الإسلامي الجديد الذي يساهم به هذا القرني بنشاط من خلال مجالسه وكتبه ومن خلال نفاقه الإجتماعي والديني على مختلف الأصعدة التي يتطرق إليها . نستطيع أن نملأ الصفحات بالإزدواجية والإنتهازية والسفسطة التي يضطلع بها القرني ومن على شاكلته من رموز التوجيه الديني في العالم الإسلامي والذين وضعوه في هذه الغيبوبة التي لم يستفد منها لحد الآن إلا هم أنفسهم ، إذ أن الصحوة تعني كنس كل هذه الأفكار التي يتاجر بها القرني ورهطه متخذين من الدين العباءة التي يلتحفون بها لتمرير بضاعتهم هذه . فالصحوة تعني زوالهم وزوال أفكارهم الرجعية السوداء ، لذا فإنهم على ديمومة هذه الغيبوبة عاملون.
ولنستمر في قراءة مقاله العتيد هذا لنقرأ : " كلما ذهبنا، إلى الشرق والغرب وخرجنا من العالم الثالث إلى العالم الأول وجدنا الفرق الشاسع والبون الكبير. وأشهد بالله إنهم قوم سيروا حياتهم وصناعتهم وإنتاجهم بدرجة عالية من الدقة والاحتراف والإتقان مع علمي بانحرافهم العقدي وإفلاسهم في عالم الروح وتدهور صلتهم بالله العظيم، لكن الإيجابيات التي حققوها في عالم الدنيا جدير أن نستفيد منها. "
عائض القرني يصف عالَم العلم والحضارة بأنه عالَم منحرف العقيدة مُفلس في الروح ، لا صلة له بالله . بالله عليكم لو تجردنا من أقل درجات تسخير العقل للتعامل مع مثل هذه البذاءات فماذا سنرى ؟ سنرى بأن أول أولويات الإيمان العقائدي والسمو الروحي الذي جاءت بها الأديان جميعاً ، ومن ضمنها الإسلام ، تنص على حب الغير واحترامه والسمو بالتعامل الخلقي مع هذا الغير. فإذا ما طبقنا هذا المفهوم على المجتمع الذي يساهم القرني بتربيته عقائدياً خلال عشرات السنين فأين سنرى عمق الإيمان العقائدي : ألدى الأجيال التي تربت على يد القرني وأمثاله بتكفير النصارى واليهود والصابئة والمسلمين اللاوهابيين من شيعة إلى فاطميين وعلويين وغيرهم وإباحة دمائهم إستناداً إلى ما نفسرونه لأتباعكم في النص القرآني القائل " واقتلوهم حيث ثقفتموهم ـ البقرة 191" ، فنشأت هذه الأجيال على الكره ، في حين نشأت ألأجيال"المنحرفة العقيدة" ، كما يحلو للقرني ان يسميها ، خاصة ألأجيال التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ، على حب الغير الذي جعل هذه المجتمعات تستقبل الملايين ، نعم الملايين ، من الهاربين إليها من طغيان آل الأسد وآل المجيد وآل سعود وأل القذافي وآل عبد الله صالح وآل مبارك وآل البشير وآل الخميني والخامنئي ومن لف لفهم من الآلات واللاآت الأخرى التي لم يتطرق لها وإلى جبروتها وطغيانها القرني يوماً في أحديثه ، بل بالعكس فإنه يدعو لها بطول العمر بعد كل صلواته ، كسائر أقرانه من المتسكعين عند عروش هذه الإمعات . إلم ترددوا على مسامع الناس ، يا شيخ القرني ، ليلاً ونهاراً مقولة : جئت لأتمم مكارم الأخلاق ، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ...وغير ذلك من مبادئ السمو الروحي الذي يرتفع بالإنسان إلى ثروة الغنى الروحي الذي يجعله ينطلق من شعور الشراكة مع الآخر ، أي آخر ، دون النظر إلى دينه أو قوميته أو لون بشرته . فهل لديك أيها الشيخ أو لدى نظامك او لدى مَن يتفيقهون لهذا النظام شيئاً من قدسية الروح هذه لتتهم الآخرين بإفلاسهم الروحي وهم الذين يأوون ملايين من أبناء دينك وقومك التي تستعملهم أنت وأمثالك كعبيد في بيوتكم ومتاجركم ، تستهزؤون بهم ليل نهار جاعلين منهم وسائل تسلية وخدمة لكم ولشهواتكم الحيوانية وبأبخس الأسعار . وقصتك مع ذلك الهندي المسلم المسكين الذي تتندر عليه وتستهزئ بعقيدته الإسلامية لأنه فقد وعيه في بلدكم ، أرض خادم الحرمين الشريفيين ورهطه من المنافقين ، وصحى على نفسه في أحد مستشفياتكم وما فيها من ممرضات حسبهن حور العين ، إذ حسب نفسه بالجنة . إلى هذا الحد وصلت البدائية في مستوى تفكيركم الذي تريدون أن توقظوا به عالمكم النائم من غفوته وانتم لا تملكون أبسط وسائل هذه اليقظة لا فكراً ولا ممارسة ، فتنافقون بعويلكم على هذه الأمة التي تتلقى منكم يومياً كل ما يعمق غيبوبتها ويبعدها عن يقظتها .
إلا ان لنا ، نحن العراقيون ، حساباً آخر مع عائض القرني هذا . فبدائية وسطحية وضحالة تفكيره لا تضيرنا طالما يظل ينشرها بين مَن يستغبيهم منذ عشرات السنين . أما أنه يتنكر لمشاعر الشعب العراقي ولكل ما قدمه من شهداء وضحايا وما عاشه من نكبات إبان التسلط الدكتاتوري البعثي الأسود على العراق ، فيخرج مادحاً للجرذ المقبور بقصيدة تقيأ فيها كل ما يحويه جوفه النتن من الطائفية والحقد على القوى الوطنية العراقية التي صارعت الدكتاتورية ، متنكراً لمآسي الشعب العراقي تحت نظام فارسه البعثي ، ممجداً لفارسه هذا الذي أشعل الحرب في ديار سيده نفسها ، بعد إحتلاله للكويت مما دعى أولياء نعمته للإستنجاد بسيدهم الكبير في البيت الأبيض ليحفظ لهم البلد الذي ينعمون ، والقرني هذا معهم ، بكل خيراته ، فذلك أمر لا يستقيم والأخلاق التي يدعي هذا الدعي بأنه ينعم بها لأنه مسلم وكفى . فارسك هذا الذي مدحته في قصيدتك المعروفة عنه سبق له وإن داس على أعناقكم ببساطيل جنوده التي غزتكم فجعلكم تستنجدون بولي نعمتكم من الأمريكان الذي ترسل له كل يوم شلة من إرهبييك ليقتلوا أبناء الشعب العراقي بحجة مقاومة الإحتلال ، وكأن ألقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في السعودية وقطر والكويت ، أو ألإحتلال الصهيوني على شاطئكم الآخر من البحر ، لا علاقة لها بالإحتلال العسكري الأمريكي الصهيوني ، بل أنها للمحافظة على هياكل هذه الزعانف التي تسبحون بحمدها ليل نهار . الويل لكم من غضب الشعوب التي لا ترحم ، خاصة إذا ما تعلق الأمر بدجالي بؤر الكفر والنفاق أمثالك .
الأعراب أشد كفراً ونفاقاً (التوبة 97) وعائض القرني خير مثال لهم
ألظاهر أن صاحب هذا المديح يغط في واحدة من مشكلتين : فإما أنه لا يعرف عائض القرني هذه ولم يقرأ له إلا هذا المقال . فإن كان الأمر كذلك فإن مديحه هذا لا قيمة له البتة لأنه لم يستند على المعرفة اللازمة لمثل هذا التقييم . أو أنه يعرفه تمام المعرفة ، فيكون تقييمه له هذا بمثابة " بوس اللحى " كما يقال ، وإن الطيور على أشكالها تقع .
حقيقة كتب الدكتور عائض القرني كثيراً من الكتب في مواضيع شتى . واعتبر هو بالذات كتبه هذه ذات مستوى عال من العلم والمعرفة فوصفها " بالمكتبة المقروءة " واعتبرها أساساً للإنسان السعيد ، وللصعود والتفوق ابداً ، والسمو في طلب العلم ، وتحدي المصاعب ، والإنتصار على ألأزمات ، وأسعد إمرأة في العالم إلى غير ذلك من المواضيع الكثيرة الأخرى التي جعل قسمها الأعظم عناوين لكتبه التي يمكن الإطلاع عليها على موقعه الخاص على الإنترنت . ولتقييم مثل هذه الكتابات التي تصدر عن مستوى تفكير كالذي يحمله عائض القرني لابد للمقيم أن يتخذ إحد الموقفين . فإما أن يكون على شاكلة المنهج التفكيري الوهابي المتخلف ، فيؤمن بما جاء به نظير فكره هذا ، أو أن يعارضه في التفكير ، ولا أقصد هنا المعارضة المذهبية التي لها أبواباً ووجوهاً أخرى ، بل أقصد ، وهو ما أحاول اللجوء إليه في هذه المساهمة ، المعارضة العلمية المستندة على العقل وقدرة الإنسان على التفكير والتحليل حسب المنهج العلمي الحديث ، لا حسب المنهج الغيبي المتوارَث .
من الممكن طبعاً تناول مضمون مقال القرني هذا كلمة كلمة وتفكيكه بسهولة تقود مباشرة إلى التعامل معه كأي نكرة من النكرات التي لا تصمد أما الإختبار العلمي ، فسرعان ما تنهار أوصالها وتختفي من الوجود . إلا أنني لا أريد أن أشغل القارئ كثيراً بمثل هذه الخزعبلات التي يمكن الإطلاع علهيا كاملة تحت عنوان المقال وصاحب المقال على ألإنترنت . إن ما سأسير عليه هنا هو الإستشهاد ببعض ألأمثلة مما كتبه القرني سابقاً وما هو مستمر على كتابته والترويج له خطابياً حتى يومنا هذا ، وبين ما نشره في مقاله هذا حول غيبوبة العالم الثالث التي يتباكى عليها ، وهو أحد أسبابها ، إلا أنه يصمت عن قول الحق كهذا ، كأي شيطان أخرس .
فحينما يخرج علينا اليوم الداعية الإسلامي عائض القرني نائحاً على العالم الثالث الذي يغط في غيبوبته ، فإنه قد يفاجئ البعض بهذه الأطروحة التي ينطق بها جهراً اليوم بعد أن سكت عنها دهراً بالأمس . يتباكى القرني على عالَمه الثالث النائم ، ويقارنه بالعالَم الواعي النشط المتقدم ، فيجد المفارقة التي لا يريد الشيخ أن يذكر أسبابها وذلك لسبب بسيط ألا وهو إدراكه بأنه هو ورهطه من مشايخ الثقافة الإجتماعية والفتاوى الدينية ، ونظامه الذي يلفه والأنظمة العربية وما تسمى بالإسلامية التي تلتحف بالدين لهذا الغرض أو ذاك ، بأن هؤلاء جميعاً هم السبب الأساسي في الغيبوبة التي يغط بها هذا العالم النائم ، والتي لا خلاص له منها قبل خلاصه من زمر الدجالين الركع السجود في القصور الملكية ومراكز السلطة الأخرى الذين سخروا الدين بوعظهم وفتاواهم لتزداد هذه القصور والمؤسسات ترفاً وتسلطاً وجبروتاً يوماً بعد يوم. أنت ومن أمثالك ، ايها الداعية الدعي ، من تزقون هؤلاء النوَّم صباح مساء بجرعات : كنتم خير أمة أُخرجت للناس ، وإن الدين عند الله الإسلام ، وأنتم الأعلون ، لا تفكر لها مدبر ، رزقكم في السماء وما توعدون ، ودار الدنيا الفانية والآخرة خير وأبقى والكثير الكثير من المقولات التي ترمونها على آذان الناس يومياً ومنذ عشرات السنين ليفهمها الناس على شكلها اللفظي البسيط ، دون أن يجرأ أي واحد منكم ، يافقهاء السلاطين ، أن يبين للناس المعنى والمضمون الحقيقي لهذه المقولات وغيرها . هل تجرأ أي واحد منكم على العمل على تغيير بعض المناهج المدرسية الدينية في دولتكم الوهابية التي تصرف مئات الملايين من الدولارات سنوياً على نشر الفكر الإرهابي الحاقد على الغير والرافض له ، إذ أن أطفالكم لا يتعلمون بالشكل القرآني العلمي الصحيح ما المقصود أساساً بعبارة : أن الدين عند الله الإسلام . فلا عجب إذن والحالة هذه أن ينتمي أكثر مجرمي الإرهاب في العالم إلى بلدكم أو إلى مجموعاتكم التي نشرتموها ولا زلتم قائمين على نشرها لحد الآن بين الشعوب المسكينة المغلوبة على أمرها ، مستغلين بذلك حاجة هذا إلى المال وذاك إلى العلاج وغيره إلى العمل وهكذا لتطيلوا هذه الغيبوبة التي يتباكى عليها القرني اليوم وهو أحد المساهمين في إيجادها منذ أن بدأ وعظه مقروءً ومكتوباً . مَن يتربى على كره الآخرين والدعوة إلى قتالهم لا يتعلم نقيض ذلك الذي يصب في مجرى التلاقح الحضاري مع هؤلاء الآخرين ، فالمثل يقول : مَن شبَّ على شيئ شاب عليه . فلماذا ينافق القرني هذا بذرف دموع التماسيح على غيبوبة الشعوب العربية والإسلامية وهو الذي يكرر تقيؤاته في مجالسه الوعظية وفي كتبه التعليمية التي لا تؤدي بنتيجتها النهائية إلا إلى الغيبوبة الأبدية التي لا يظل للحياة هذه معنى فيها لدى متلقي " علوم ووعظ وإرشادات " هذا الفقيه الذي يدعو ورجال دينه المتخلفين ليل نهار بالنصر وطول العمر لسلطانه الجائر، فتتوفرلمثل هذا المتلقي الغائب عن العالم هذا القناعة الراسخة بعدم جدوى الصحوة في هذه الحياة الدنيا الفانية ، وما عليه إلا أن ينتظر في غيبوبته هذه حياة الحور العين والولدان المخلدين ، فتباً إذن للعلم والعمل والحضارة والرقي والإكتشافات وكل موبقات الكفر والكفار هذه . اليس هذه هو ديدنك ودينك وكل ما تحتويه كتبك وخطبك في مجالسك الكثيرة التي أصبحت حتى بعض الفضائيات الطائفية كالجزيرة والمستقله وسواهما تتلاقفها باعتبارها مادة دسمة لإستغباء الناس .
لنقرأ بعض ما جاء بكتابه " السمو " الذي يريد أن يصل بمحتواه هذا إلى سمو الإنسان المسلم والعربي إلى مصاف سمو إنسان القرن الحادي والعشرين الذي يتباكى القرني على تخلف بني قومه عنه واستمرارهم في سباتهم الأبدي .
" إن طريق السمو(مشقة) ؛ فأول السمو عندنا يبدأ بصلاة الفجر ، ومن لا يحضر صلاة الفجر فليس من أهل السمو ولا المعالي ولا السعادة، ولو زفت له الدنيا، وصفقت له البنود، وهتفت له الجنود ، وارتفعت عليه العلام ، وسددت أمامه السهامز
أبداً .. أبداً!!
لأن انطلاقتتنا الكبري من صلاة الفجر، من تكبيرة الإحرام النبي صلي الله عليه وسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي في مسلم: (( من صلي الفجر فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم من ذمته بشئ ، فإنه من طلبه أدركه كبة على وجهه في النار)).، ومن المحراب ننطلق إلي المعالي ، ومن لا يصلي الفجر والفروض الأخري جماعة ـ بلا عذر شرعي ـ فلا تظنه من أهل السعادة والسمو. "
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن فوراً عند قراءة وسيلة الوصول إلى السمو هذه هو : ألم تُسخروا مطاوعتكم منذ عشرات السنين لسوق الناس إلى الصلاة سوقاً ، وإلى صلاة الفجر عبر مكبرات الصوت الضخمة التي لا أساس لها في سنة النبي ولا في سنة صحبه ؟ فإين إنطلاقتكم إذن وأين سموكم وأنتم تحضرون جميعاً وتتسابقون ، كذباً وتزلفاً لا إيماناً وتعبداً، إلى صلاة الفجر ؟ فمتى تتم إذن إنطلاقتكم من المحراب إلى المعالي ولماذا لا تسأل نفسك هذا السؤال في عويلك الكاذب على غيبوبة الأمة التي تتلقى العُصي على الظهور لتقديم فروض السمو هذه ؟ فأجيبك على هذا السؤال بالقول : أنكم لا زلتم غفاة بالرغم من تأديتكم صلاة الفجر ، طريق السمو ، والفروض الأخرى ، ولم تصلوا السمو لحد الآن لأنكم غير مخلصين للدين في تأدية مثل هذه الفرائض ، ولم تؤدوها كما رسمها الدين بكل بساطة وبدون تكلف ، بل كما رسمها فقهاء السلاطين ، وأنت واحد منهم يا سيد القرني ، وبالإكراه في أغلب الأحيان ، وهذا هو سر عميق من أسرار التخلف الذي لا تريدون الإعتراف به ، فتكذبون على الناس تندبون غيبوبتهم التي سيظلون فيها ما دمت أنت وأمثالك مَن له فصل المقال في أمور دين ودنيا هؤلاء المساكين المغلوبين على أمرهم دوماً ، خاصة تحت إجراءات نظام قمعي متخلف كنظامك السياسي في قصور آل سعود وكل الملوك الذين لم يدخلوا قرية إلا وأفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة .
لا نقاش في أن العلم وإنجازاته الرائعة على مدى تاريخ البشرية حقق القفزات الحضارية التي وضعت شروخاً حقيقية فاصلة بين الأمم التي تبنت وطورت واستمرت على تطوير هذه الإنجازات وتوظيفها لأغراض حياتها اليومية ، فتبلورت حياة القرن الحادي والعشرين التي يشتهيها القرني إلا أن ثقافته الصحراوية تحول بينه وبين ذلك . هذه الثقافة القائمة على مبدأ : النصر أو القبر ، أو : وأنتم ألأعلون ، و ، إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً تخر له الجبابر ساجدينا ، وغير ذلك من العنجهيات الفارغة التي أصبحت تنظر إلى العلم ، مهما عظُم شأنه، وكأنه لا يساوي جناح بعوضة أما إمتشاق العربي لسيفه . فالنقرأ ما كتبه هذا الداعية الدعي حول العلم :
، أما طلبة العلم في هذا الزمان ـ إلا من رحم ربك ـ فإن أحدهم يدخل الى الجامعة أربع سنوات فأكثر ، ثم يخرج وهو جاهل، ثم يري أنه إمام الدنيا وحافظ العصر ، وخاتمة المجددين النبي صلي الله عليه وسلم يقول أخدهم في دخول للكلية:
ودخلت فيها جاهلاً متواضعاً
وخرجت منها جاهلاً دكتورا!
يقول : كنت قبل دخول الكلية جاهلاً لكني متواضع ؛ اسلم على رأس أبي، وأقبل كف أمي، وأجلس مع زملائي، فلما درست وتعلمت لسنوات خرجت فلا تواضع ولا احترام ولا أدب !..، وهذه صورة قبيحة لطالب العلم.
لا عجب إن كانت هذه الجامعة في الدولة التي لم يعترف موجههوا الأجيال فيها بكروية الأرض لحد الآن ، ويصرون على أن ألأرض مركز الكون وإنها محمولة على قرني ثور ، وإن أشهر علمائهم الباز لم يكن يملك من الأدلة على نقض نظرية التطور لدارون غير عبارته المشهورة : أصبح عمري ستين عاماً ولم أر قرداً تحول إلى إنسان . أفبهذا " العلم " تصحوا ألأمم الراقدة في غفوتها الأبدية ؟
ولنتابع مقطعاً آخراً للمتباكي على الغفاة من بني قومه وهو الذي يغني لهم " تنويمة الجياع" في مضاجعهم فيمثل بذلك قمة النفاق الإجتماعي والتخلف الفكري الذي يسميه دين المحبة والتسامح في الوقت الذي يدعو فيه هو وكل نظراءه الطائفيين إلى جعل الغير الآخر في الصفوف الخلفية من المجتمع ، هذا إذا لم يعتبرهم مرتدين فيبيح دماءهم ، وما هذا إلا الإستهانة بالإنسان وبكل ما يملكه من قيم وتراث وحضارة . يقول عائض القرني :
قال اهل العلم : المجد والسمو في ثلاثة : أن تمرغ وجهك ساجداً لله ، وأن تأكل الحلال، وأن تكون سليم الصدر ، ثم لا يضرك ما فاتك من الدنيا من دورها وقصورها وذهبها.
اسمع الى الوحي يخاطبك بأن ترتفع (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(آل عمران: الآية139) ، لا يصيبك إحباط ولا يأس ولا فشل ، وأنت تسجد لله ومعك القرآن ، وقد هديت الى تكبيرة الإحرام ، ومعك أخوة صالحون، ومعك دعاة وعلماء ، إن الله يحب معالي الأمور.
والنابلسي المحدث العالم الزاهد الذي أفتي بفتوي شجاعة في الفاطميين المنحرفين الكفرة ـ عند كثير من أهل العلم ـ قال: من عنده عشرة سهام فليرم الفاطميين بتسعة والنصارى بسهم، فطعنه يهودي بالخنجر ، قال الذهبي : كان دمه يتصبب في الأرض وهو يقول : الله .. الله .. الله..!.
تسعة سهام للفاطميين ، الذين ينطقون الشهادتين في عرف الشريعة التي يدعو إليها منافقو الوهابية . أي الحرب على الجبهة الداخلية بتحريض المسلمين على قتل بعضهم البعض ، والعمل في نفس الوقت لتوفير بعض أدوات القتل لغير المسلمين من النصارى . فعن أي دين يتحدث هذا الشيخ الواعظ بلغة الموت ؟ هل هذا هو سلاحه الوحيد للصحوة ؟ إن كان الأمر كذلك فما فاز إلا النوَّم .
لا نريد أن تطرق بإسهاب إلى ما تعانيه المرأة في المجتمع السعودي القائم على مواعظ وإرشادات وتوجيهات الشلة الوهابية المتخلفة التي يشكل عائض القرني واحداً من وجوهها التي تطل من كل كوة . ولا نريد أن نجعل من هذا الموضوع كواحد من الأسباب التي أدت وتؤدي إلى أن يظل المجتمع السعودي مثار سخرية العالم كله لموقفه الشائن هذا من المرأة التي بدت في السنين الأخيرة وكأنها تريد أن تنتفض على واقعها المزري هذا ، إلا أن وسائل هذه الإنتفاضة لم تكتمل لها بعد . فكيف يعجب القرني من مجتمع يغط في غيبوبته وهو يعطل نصفه عن النهوض متعاملاً مع هذا النصف بكل الوسائل اللاأخلاقية واللاعلمية كنقص الدين والعقل ، وكأن خالقها الذي جعل من ألإنسان ، ولم يقل الرجل ، خليفته على الأرض قد إرتكب في خلقها كثيراً من الأخطاء التي جعلتها ناقصة بهذا الشكل . إلا أن الفقيه النبيه عائض القرني يريد إنتشالها من غيبوبتها ، ويا لها من رجولة وشهامة أعرابية ، فيكتب لها كتاباً سماه " أسعد إمرأة في العالم " تغنيك مقدمته التالية عن قراءته ، إذ ان كل إناء بالذي فيه ينضح :
المكتبة المقروءة
اسعد إمراة في العالم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى وصحبه ومن والاه ، بعد:
فهذا كتاب يناشد المرأة أن تسعد بدينها ، وتفح بفضل الله عليها ، وتستبشر بما عندها من نعم ، انه بسمة أمل ، نسيم رجاء ، وإشراقة بشرى ، لكل من ضاق صدرها ، كثر همها ، زاد غمها ، يناديها بانتظار الفرج ، وترقب اليسر بعد العسر ، ويخاطب عقلها الذكي ، وقلبها الطاهر ، وروحها الصافية ، ليقول لها : اصبري واحتسبي ، لا تيأسي ، لا تقنطي ، تفاءلي ، فإن الله معك ، والله حسبك ، الله كافيك ، والله حافظك وليك .
أختاه : أقرئي هذا الكتاب ، ففيه الآية المحكمة ، والحديث الصادق ، والقول الفصل ، والقصة الموحية ، البيت المؤثر ، والفكرة الصائبة ، التجربة الراشدة ، أقرئي هذا السجل ليطارد فيك فلول الأحزان ، وأشباح الهمم، وكابوس الخوف والقلق ، طالعي هذا الديوان ليساعد على تنظيف الذاكرة من ركام الأوهام ، أكوام الوساوس ، ويدلك على رياض الإنس ، وبستان السعادة ، وديار الإيمان ، وحدائق الأفراح ، وجنات السرور ، عسى الله أن يسعد في الدارين بمنه وكرمه انه جواد كريم .
وقد جعلته كنزاً يحوي حليا زاهيا تتجملين به ، فيه من بريق الحسن ، ولمعان الجمال ، وسناء الحق ، ما يفوق وميض الذهب ، و إغراء الفضة ، سميت فصوله بأسماء الحلى ، من سبائك ، وعقود ، وفرائد ، ومرجان ، وجمان ، وجواهر ، وخواتم ، والماس ، وزبرجد ، وياقوت ، درر ، ولآلي ، وزمرد ، وعسجد .
فإذا كان هذا الكتاب عندك فلا عليك من كل زخرف دنيوي ، وزينة جوفاء ، ومظاهر زائفة ، وموضات تافهة ، فتحلي بهذه الحلية ، والبسيها في مهرجان الحياة ، وتزيني بها في عرس الدنيا ، وفي أعياد السرور ، ومواسم الأفراح ، وليالي البهجة ، لتكوني - إن شاء الله - ( أسعد امرأة في العالم )
إن سبيل سعادتك يكمن في صفاء معرفتك نقاء ثقافتك ،وها لا يحصل بالقصص الرومانسية الخيالية التي تجر القارئ إلى الخروج من واقعه والذهاب بعيدا عن عالمه ، وقد تجدين فيها أحلاما وردية ، وخمرة أوهام مسكرة ، ولكن ثمارها إحباط وانفصام في الشخصية ، وكآبة قاتلة ، بل ما هو اخطر من ذلك كقصص ( أجاثا كريستي ) التي تعلم الخدام والجريمة والنهب والسلب وقد طالعت سلسلة ( رائع القصص العالمي ) وهي مترجمات منتقاة من القصص الخلابة الجذابة ، الحازة على جائزة نوبل ، فألفيتها مشوبة بكثير من الأغلاط الكبرى والحماقات . ولا شك أن في بعض روائع القصص العالمي روايات جيدة ، من حيث رقي الفن القصصي والعمل الروائي .. كرواية( الشيخ والبحر ) لآرنست همنغواي ، وأشباهها من القصص التي جانبت الفحش والرذيلة ، وسلمت من غوائل الانحطاط الأخلاقي والإسفاف الأدبي.
فحق على كل راشدة أن تطالع التراث القصصي الراشد : مثل كتب الطنطاوي والكيلاني والمنفلوطي الرافعي و أمثالهم ، ممن لديه طهر ، وعنده ضمير حي ، ويحمل رسالة واعية ، وإنما ذكرت هذا : لأنني حرصت على نقاء كتابي من لوثة الأجنبي ، وسم المنحرف ، وغثاء التافهين ، فكم من ضحية لمقالة ، وكم من قتيل لرواية ، والله الحافظ .
وعلى كل حال ، فلا أجل ولا أحسن من قصص الله في كتابه ، ورسوله r في سنته ، التاريخ المجيد للأبرار من الخلفاء والعلماء والصالحين ، فسيري على بركة الله ، فأنت السعيدة بما عندك من دين وهدى ، وبما لديك من عقيدة وميراث.
يتحدث عائض القرني في مقالته حول غيبوبة العالم الثالث عن " بناء الإنسان في العالم الثالث وتأهيله وتدريبه وتمرينه ليكون عنده روح نظامية وذائقة جمالية ولياقة أخلاقية واحترام للنظام ولطف في المعاملة ورقة في المشاعر، وكلما حدثنا قومنا عن العالم الأول ورقيه المادي وذوقه الراقي ونجاحه في أمور دنياه وترتيبه لشؤون حياته، صاح بنا بعض إخواننا وضجوا وقالوا لنا: اتقوا الله ولا تنقضوا عرى الإسلام عروة عروة، وكأن وضعهم السيئ من الجلافة والعجرفة والقسوة والفظاظة والغلظة هو ما يمثل الإسلام، الدين العظيم، والحقيقة أن الإسلام رسالة مشرفة ومنهج قويم، لكنه شيء وواقعنا شيء آخر، نحن نفشل كثيرا في تطبيق تعاليم الإسلام وأخلاقياته السامية ومثله العليا، فإذا انتقدنا أحد تترسنا بالإسلام واحتمينا به أمام النقد والتقويم. "
عن أي إنسان يتحدث هذا القرني ؟ أهو يتحدث عن الإنسان الذي لا يملك أبسط مقومات حريته حتى حينما يسير مع زوجته أو أخته على الشارع العام دون أن يحسب حساب الرقيب الذي يجوب شوارع مملكته العتيدة ليتأكد من صلة القرابة ممن يسير معه ، من هذا المخلوق الناقص في كل شيئ والذي إسمه المرأة ، والقرني يعيش دهراً تحت ظروف الغيبوبة هذه ولم نسمع منه يوماً أنه دعى إلى تخفيف وطأتها على الأقل ليشعر هذا الإنسان الذي يريد أن يبنيه القرني بنوع من الثقة على الأقل بينه وبين مجتمعه . أم هو يتحدث عن إولئك الغوغاء من الناس الذين يزج بهم القرني وفقهاؤه في سوح الموت " الجهادي " عندما يفخخونهم كما يفخخون البهائم ليبعثوا بهم إلى ما وعدوهم به من حور العين على أرض العراق وافغانستان فيقتلون النساء والأطفال والعمال والمارة في الأسواق والشوارع بحجة الإحتلال ، والإحتلال الصهيوني على سواحل بحارهم والأمريكي في عقر دارهم ، فلا يتناولونه بما يسبب له شيئاً من الإزعاج ، ناهيك عن جهاده . أم أنه يتحدث عن الإنسان الذي لا ينال من العلم والمعارف إلى ذلك الجانب المظلم من فقه فقيه الإرهاب إبن تيمية وهرطقات محمد عبد الوهاب وخزعبلات مجالس الإفتاء والشورى في مملكته التي تصدر كل هذه التفاهات بمئات الملايين من الدولارات سنوياً لبناء الجيل الإسلامي الجديد الذي يساهم به هذا القرني بنشاط من خلال مجالسه وكتبه ومن خلال نفاقه الإجتماعي والديني على مختلف الأصعدة التي يتطرق إليها . نستطيع أن نملأ الصفحات بالإزدواجية والإنتهازية والسفسطة التي يضطلع بها القرني ومن على شاكلته من رموز التوجيه الديني في العالم الإسلامي والذين وضعوه في هذه الغيبوبة التي لم يستفد منها لحد الآن إلا هم أنفسهم ، إذ أن الصحوة تعني كنس كل هذه الأفكار التي يتاجر بها القرني ورهطه متخذين من الدين العباءة التي يلتحفون بها لتمرير بضاعتهم هذه . فالصحوة تعني زوالهم وزوال أفكارهم الرجعية السوداء ، لذا فإنهم على ديمومة هذه الغيبوبة عاملون.
ولنستمر في قراءة مقاله العتيد هذا لنقرأ : " كلما ذهبنا، إلى الشرق والغرب وخرجنا من العالم الثالث إلى العالم الأول وجدنا الفرق الشاسع والبون الكبير. وأشهد بالله إنهم قوم سيروا حياتهم وصناعتهم وإنتاجهم بدرجة عالية من الدقة والاحتراف والإتقان مع علمي بانحرافهم العقدي وإفلاسهم في عالم الروح وتدهور صلتهم بالله العظيم، لكن الإيجابيات التي حققوها في عالم الدنيا جدير أن نستفيد منها. "
عائض القرني يصف عالَم العلم والحضارة بأنه عالَم منحرف العقيدة مُفلس في الروح ، لا صلة له بالله . بالله عليكم لو تجردنا من أقل درجات تسخير العقل للتعامل مع مثل هذه البذاءات فماذا سنرى ؟ سنرى بأن أول أولويات الإيمان العقائدي والسمو الروحي الذي جاءت بها الأديان جميعاً ، ومن ضمنها الإسلام ، تنص على حب الغير واحترامه والسمو بالتعامل الخلقي مع هذا الغير. فإذا ما طبقنا هذا المفهوم على المجتمع الذي يساهم القرني بتربيته عقائدياً خلال عشرات السنين فأين سنرى عمق الإيمان العقائدي : ألدى الأجيال التي تربت على يد القرني وأمثاله بتكفير النصارى واليهود والصابئة والمسلمين اللاوهابيين من شيعة إلى فاطميين وعلويين وغيرهم وإباحة دمائهم إستناداً إلى ما نفسرونه لأتباعكم في النص القرآني القائل " واقتلوهم حيث ثقفتموهم ـ البقرة 191" ، فنشأت هذه الأجيال على الكره ، في حين نشأت ألأجيال"المنحرفة العقيدة" ، كما يحلو للقرني ان يسميها ، خاصة ألأجيال التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ، على حب الغير الذي جعل هذه المجتمعات تستقبل الملايين ، نعم الملايين ، من الهاربين إليها من طغيان آل الأسد وآل المجيد وآل سعود وأل القذافي وآل عبد الله صالح وآل مبارك وآل البشير وآل الخميني والخامنئي ومن لف لفهم من الآلات واللاآت الأخرى التي لم يتطرق لها وإلى جبروتها وطغيانها القرني يوماً في أحديثه ، بل بالعكس فإنه يدعو لها بطول العمر بعد كل صلواته ، كسائر أقرانه من المتسكعين عند عروش هذه الإمعات . إلم ترددوا على مسامع الناس ، يا شيخ القرني ، ليلاً ونهاراً مقولة : جئت لأتمم مكارم الأخلاق ، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ...وغير ذلك من مبادئ السمو الروحي الذي يرتفع بالإنسان إلى ثروة الغنى الروحي الذي يجعله ينطلق من شعور الشراكة مع الآخر ، أي آخر ، دون النظر إلى دينه أو قوميته أو لون بشرته . فهل لديك أيها الشيخ أو لدى نظامك او لدى مَن يتفيقهون لهذا النظام شيئاً من قدسية الروح هذه لتتهم الآخرين بإفلاسهم الروحي وهم الذين يأوون ملايين من أبناء دينك وقومك التي تستعملهم أنت وأمثالك كعبيد في بيوتكم ومتاجركم ، تستهزؤون بهم ليل نهار جاعلين منهم وسائل تسلية وخدمة لكم ولشهواتكم الحيوانية وبأبخس الأسعار . وقصتك مع ذلك الهندي المسلم المسكين الذي تتندر عليه وتستهزئ بعقيدته الإسلامية لأنه فقد وعيه في بلدكم ، أرض خادم الحرمين الشريفيين ورهطه من المنافقين ، وصحى على نفسه في أحد مستشفياتكم وما فيها من ممرضات حسبهن حور العين ، إذ حسب نفسه بالجنة . إلى هذا الحد وصلت البدائية في مستوى تفكيركم الذي تريدون أن توقظوا به عالمكم النائم من غفوته وانتم لا تملكون أبسط وسائل هذه اليقظة لا فكراً ولا ممارسة ، فتنافقون بعويلكم على هذه الأمة التي تتلقى منكم يومياً كل ما يعمق غيبوبتها ويبعدها عن يقظتها .
إلا ان لنا ، نحن العراقيون ، حساباً آخر مع عائض القرني هذا . فبدائية وسطحية وضحالة تفكيره لا تضيرنا طالما يظل ينشرها بين مَن يستغبيهم منذ عشرات السنين . أما أنه يتنكر لمشاعر الشعب العراقي ولكل ما قدمه من شهداء وضحايا وما عاشه من نكبات إبان التسلط الدكتاتوري البعثي الأسود على العراق ، فيخرج مادحاً للجرذ المقبور بقصيدة تقيأ فيها كل ما يحويه جوفه النتن من الطائفية والحقد على القوى الوطنية العراقية التي صارعت الدكتاتورية ، متنكراً لمآسي الشعب العراقي تحت نظام فارسه البعثي ، ممجداً لفارسه هذا الذي أشعل الحرب في ديار سيده نفسها ، بعد إحتلاله للكويت مما دعى أولياء نعمته للإستنجاد بسيدهم الكبير في البيت الأبيض ليحفظ لهم البلد الذي ينعمون ، والقرني هذا معهم ، بكل خيراته ، فذلك أمر لا يستقيم والأخلاق التي يدعي هذا الدعي بأنه ينعم بها لأنه مسلم وكفى . فارسك هذا الذي مدحته في قصيدتك المعروفة عنه سبق له وإن داس على أعناقكم ببساطيل جنوده التي غزتكم فجعلكم تستنجدون بولي نعمتكم من الأمريكان الذي ترسل له كل يوم شلة من إرهبييك ليقتلوا أبناء الشعب العراقي بحجة مقاومة الإحتلال ، وكأن ألقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في السعودية وقطر والكويت ، أو ألإحتلال الصهيوني على شاطئكم الآخر من البحر ، لا علاقة لها بالإحتلال العسكري الأمريكي الصهيوني ، بل أنها للمحافظة على هياكل هذه الزعانف التي تسبحون بحمدها ليل نهار . الويل لكم من غضب الشعوب التي لا ترحم ، خاصة إذا ما تعلق الأمر بدجالي بؤر الكفر والنفاق أمثالك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق